المنازل البرمائية... أمل المدن الغارقة والمزدحمة

الرئيسية » حياة وتكنولوجيا » المنازل البرمائية… أمل المدن الغارقة والمزدحمة

المنازل البرمائية... أمل المدن الغارقة والمزدحمة

تواجه المدن الساحلية أو المطلة على الأنهار أو الموجودة بمحاذاة قمم جبلية، خطر الغرق باستمرار. وفي الوقت نفسه، ضاقت مدن أخرى بمواطنيها، فأصبح من الضروري إيجاد حل من شأنه تخفيف الكثافة السكانية في المدن المزدحمة وإعطاء أمل للمدن المتضررة من السيول والفيضانات.

وكشفت شركة هندسية بريطانية عن جيل جديد من المنازل العائمة يمكن أن تُعرف بـ “المنازل البرمائية”. وتشكل هذه المنازل أملاً للمدن المزدحمة أو التي تأثرت بالفيضانات والسيول، لقدرة هذه المنازل على الطفو فوق الماء. وستساهم هذه الخطوة في استغلال المسطحات المائية في المدن التي تعاني من أزمات سكانية.

وجاء التصميم نتيجة مسابقة أُطلقت بهدف حل أزمة السكن في العاصمة البريطانية. وراعت الشركة في تصميمها أن لا يكون باهظ الثمن بهدف توفيره للجميع ولاستغلال القنوات المائية المنتشرة في لندن والقادرة على استيعاب أكثر من 7500 منزل عائم، وفق ما ذكر مدير شركة ” Baca Architect”.

وقال أحد مهندسي شركة “DRMM” للتصميمات والفائزة بجائزة أول قرية عائمة في لندن: “المنازل العائمة مشروع واعد، وحل أمثل لمشكلة السكن في لندن”.

وتتجه شركات التصميم ومخططي المدن إلى إيجاد حلول غير تقليدية لحل أزمة الازدحام في المدن ذات الكثافة السكانية العالية، وفي الوقت نفسه تصميم منازل قادرة على الصمود أمام الكوارث المائية التي قد تصل خسائرها إلى تريليون دولار بحلول العام 2050 في حال عدم إيجاد حلول مناسبة، وفق تقرير “World Bank”.

وفكرة المنازل العائمة ليست جديدة، لكن تطوير وبناء مدن عائمة حديثة أمرٌ يختلف تماماً عن مثيلتها القديمة من حيث البنية التحتية والإعداد والتخطيط والتصميم. وبدأت بعض المدن في تطوير وبناء ست جزر اصطناعية بهدف زيادة مساحة البناء في منطقة آي برغ في أمستردام وسط توقعات بأن تتسع الجزر الجديدة لـ45 ألف نسمة.

وفي كوبنهاغن، أعلنت شركة تصميمات عن مجمع سكني مصنوع من حاويات الشحن، كل حاوية تتسع لـ12 ستوديو سكني، ويحتوي المجمع على مرافق مثل منطقة للشواء ومسار للدراجات الهوائية ومرسى. ويعتمد اعتماداً كلياً على الطاقة الشمسية. وتخطط الشركة لبناء أكثر من 1000 حاوية في أوروبا.

ويُتوقع أن تواجه هذه المشاريع صعوبات في تصميمها وتنفيذها وصيانتها، خصوصاً بعد انهيار المدرسة العائمة الشهيرة في ماكوكو نيجيريا، نتيجة غزارة الأمطار. ودافع مصممها كونلي أديمي عن التصميم آنذاك قائلاً إنه “كان مجرد نموذج”، لكن مدير المدرسة نوح شيمدي شكك في فاعلية المشروع.

وتتصاعد بالطبع الأصوات القلقة على البيئة معتبرة هذه المشروعات بمثابة غزو للمسطحات المائية، متخوفةً من تأثيرها في هجرة المخلوقات المائية من المنطقة المستعمرة، بالإضافة إلى خطر التلوث الحتمي بسبب مخلفات هذه المنازل. وعبّر آخرون عن قلقهم حيال تأثير هذه المشاريع على سرعة تدفق الأنهار، وما قد تسببه مصدات الأمواج  من ضرر على الحياة البحرية في المنطقة المستغلة للبناء.

وتختلف أستاذة التاريخ ونظرية التصميم الحضري في جامعة سيراكيوز لوسي بوليفانت مع النظريات التي تحذر من البناء على الماء، إذ ترى ان البناء على الأرض يشكل خطراً أكبر وان المدن العائمة ستشكل نقاط ربط بين اليابسة، وستساعد في تعزيز التنوع البيولوجي.

ويتفق معها في الرأي المهندس كارل ترنر، فيقول: “تغير المناخ يعني الاتجاه للتعامل مع الماء”، مضيفاً “علينا أن نختار بين المحافظة على الأرض أو المحافظة على المنزل، فالمناطق العازلة والمصممة بهدف الحماية من الفيضانات، مكلفة ومضرة للبيئة، لكن المنازل العائمة مصممة لتتعامل مع ارتفاع منسوب المياه”.

وتتجه المبادرات الحالية إلى إيجاد حلول لمشكلتين رئيسيتين هما الاحترار والكثافة السكانية. وتتركز هذه الحلول على الاعتماد على مصادر الطاقة المستدامة، وتخفيف الضغط على المدن المزدحمة، وإيقاف استغلال الغابات في البناء، والإضرار بالمواطن الطبيعية للحيوانات التي أصبح بعضها نادراً أو على وشك الانقراض، وهو ما أظهره تقرير “الكوكب الحي” الصادر عن الصندوق العالمي للطبيعة. وكشف التقرير عن تراجع أعداد الثدييات والأسماك والزواحف في العالم بنسبة 58 في المئة في الفترة بين العامين 1970 و2012، وأوصى بضرورة إيجاد حلول لوقف هذا التراجع.

الحياة

شارك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *