أحدث إنترنت الأشياء ثورة في أغلب قطاعات الصناعة والتجارة، والزراعة وستؤدي الزراعة الذكية؛ باستخدام إنترنت الأشياء، إلى ظهور تقنيات زراعية أكثر كفاءة وتحويل القطاع الزراعي إلى قطاع ذكي. على الصعيد العالمي يعاني 821 مليون شخص من الجوع، بما في ذلك أكثر من 150 مليون طفل. وهناك عوامل متعددة، مثل الفقر، تغير المناخ، هدر الغذاء، الصراعات السياسية ونقص الغذاء، هي المسؤولة عن ارتفاع معدل الجوع. ويوجد سبب رئيسي آخر لتزايد الجوع العالمي وهو ندرة البنية التحتية الجيدة ونقص الاستثمار الحكومي والخاص؛ لذلك تبحث العديد من المنظمات غير الربحية العالمية باستمرار عن حلول أحدث وأفضل لهده الأزمة.
وأدى ظهور التقنيات الحديثة، مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، إلى تغيير العديد من القطاعات الصناعية بالفعل. وبالمثل أحدثت التقنيات المتقدمة، مثل إنترنت الأشياء، ثورة في قطاع الزراعة؛ من خلال إدخال الزراعة الذكية للحد من مشاكل الجوع على مستوى العالم. ويمكن للزراعة الذكية، باستخدام إنترنت الأشياء، تحسين غلة المحاصيل بشكل فعال؛ من خلال تحليل المناخ والتربة، ومكافحة الآفات لتعزيز الإنتاج الزراعي.
علاوة على ذلك ستعمل الزراعة الذكية على تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة، التي من شأنها تحسين الربحية للمزارعين والمنظمات الحكومية والهيئات الخاصة، ويمكن أتمتة إجراءات الزراعة وإدارتها؛ ما يعد مستحيلًا حاليًا مع أساليب الزراعة التقليدية.
كيف يمكن للمزارعين الاستفادة من إنترنت للأشياء؟
ستمكن الزراعة الذكية من تطوير تطبيقات متطورة ومبتكرة من شأنها أن تفيد المزارعين وقطاع الزراعة، وبعض حالات الاستخدام المتقدمة للزراعة الذكية المدعومة بإنترنت الأشياء كالتالي:
1. الإدارة الميدانية
تُعد الإدارة الميدانية من أهم إجراءات الزراعة؛ فمن خلال هذا الإجراء يتحقق المزارعون من حالة التربة والمحاصيل ويحاولون التنبؤ بمواعيد الحصاد. ويقدر المزارعون أيضًا الإيرادات التي سيتم تحقيقها من محاصيلهم؛ حيث ستعمل الزراعة الذكية باستخدام إنترنت الأشياء على تبسيط ممارسات الإدارة الميدانية وتنفيذ نهج قائم على البيانات. يمكن وضع مستشعرات إنترنت الأشياء في التربة عبر الحقل لمراقبة تكوين التربة وصحة المحاصيل، وستمكّن الزراعة الذكية باستخدام مستشعرات إنترنت الأشياء من جمع البيانات المهمة التي من شأنها توفير رؤى حول تاريخ الحقل ورطوبة التربة وخريطة الغطاء النباتي.
ويمكن لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء أيضًا قياس مبيدات الآفات في التربة للمساعدة في الحفاظ على صحة التربة. علاوة على ذلك يمكن لها إرسال تنبيهات للري وتفشي الآفات، والتنبؤ بوقت الحصاد وغلة المحاصيل. تمثل الآفات والجرذان تحديًا كبيرًا أمام المزارعين، ولمعالجة هذه المشكلة؛ يُعد دمج المصائد الذكية مع مستشعرات إنترنت الأشياء طريقة رائعة؛ إذ يمكن لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء إخطار المزارعين بشأن النقاط الساخنة لانتشار الآفات في الوقت الفعلي؛ حتى يتمكن المزارعون من التصرف بشكل استباقي.
2. تحليل وتوقعات المناخ
تؤثر الظواهر البيئية، مثل تغير المناخ، بشكل كبير في الإنتاج الزراعي، وستمكن الزراعة الذكية باستخدام إنترنت الأشياء من تحليل تغير المناخ للمساعدة في فهم أنماط المناخ الجارية وتأثيرها في المحاصيل. ومن خلال الزراعة الذكية باستخدام إنترنت الأشياء؛ يمكن للمزارعين تحديد ما إذا كان المناخ مناسبًا لمحاصيلهم واختيار البذور التي ستنتج عائدًا مرتفعًا خلال نوع مناخ معين، باستخدام هذا النهج يمكن للمزارعين تعظيم أرباحهم من خلال التكيف الفعال مع الظروف المناخية.
3. تتبع المعدات
يمكن تركيب مستشعرات إنترنت الأشياء في المعدات والمركبات الزراعية، مثل الجرارات والشاحنات الزراعية؛ حيث ستمكّن أجهزة الاستشعار هذه من تتبع موقع المعدات والمركبات، وأيضًا سوف تسمح بالصيانة التنبؤية للآلات والمعدات الزراعية؛ من خلال تحديد العيوب فيها ومنع أعطالها. يمكن لمستشعرات إنترنت الأشياء أيضًا قياس الأداء ودرجة حرارة الوقود والسرعة وعدد الدورات في الدقيقة، وضغط الإطارات وعمر البطارية للآلات والمركبات الزراعية. ويمكن للمزارعين تلقي تنبيهات عندما تكون مستويات الوقود أو البطارية منخفضة، أو تحت أي ظروف أخرى تتطلب إجراءات فورية. على سبيل المثال: يجب أن تكون سرعة الجرارات حوالي 6 أميال في الساعة أثناء زراعة البذور، وإذا تجاوزت السرعة هذا الحدفسيتم إخطار المزارعين ويمكنهم مطالبة السائق بالإسراع.
4. مراقبة الثروة الحيوانية
تُعتبر تغذية ورعاية الماشية، مثل الأبقار والأغنام والدواجن، مهمة أساسية للمزارعين. ستسمح مستشعرات إنترنت الأشياء المتصلة بالحيوانات؛ باستخدام علامات طوق، بتتبع الموقع. وبإمكان الزراعة الذكية باستخدام مستشعرات إنترنت الأشياء من مراقبة صحة الماشية من خلال جمع البيانات المهمة، مثل درجة حرارة الجسم والمعلومات الغذائية والنشاط البدني لكل حيوان والاحتفاظ بسجل لبيانات صحة كل حيوان. وستقوم مستشعرات إنترنت الأشياء أيضًا بإخطار المزارعين عندما تكون حيواناتهم مريضة أو تمر بمرحلة المخاض. أيضًا يمكن للمزارعين التعرف على أنماط التغذية لمواشيهم؛ لفهم متطلباتهم الغذائية والتغذوية بشكل أفضل.
5. ترشيد استهلاك الطاقة والمياه
الزراعة مسؤولة عن 70% من إجمالي استهلاك المياه على مستوى العالم. وبالمثل فإن الزراعة تستهلك الطاقة بشكل مفرط لأسباب مختلفة؛ لذلك يتعين على المزارعين مراقبة استخدامهم للطاقة والمياه لحساب نفقاتهم. باستخدام الزراعة الذكية باستخدام إنترنت الأشياء يمكن لأجهزة الاستشعار مراقبة استهلاك المياه وجودتها ودرجة حرارتها. وسوف تساعد البيانات التي تم جمعها في فهم تدفق المياه وتوزيعها في جميع أنحاء المزرعة. وستحدد كاشفات التسرب التي تعمل بإنترنت الأشياء الأنابيب المعيبة ومعدات التسريب لتوفير المياه. وبالمثل يمكن للعدادات الذكية القائمة على إنترنت الأشياء تتبع استهلاك الطاقة عبر عمليات الزراعة المختلفة. وستساعد المعلومات المتعلقة باستهلاك المياه والطاقة المزارعين في تنفيذ استراتيجيات الحفظ وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
الاتجاهات المستقبلية في الزراعة الذكية
مع المزيد من الابتكارات في التقنيات الحديثةستصبح التطبيقات الزراعية الأكثر تطورًا، التي ستمكن من الأتمتة وتبسيط الإدارة الميدانية، هي القاعدة. وتبحث الشركات الناشئة والمطورون باستمرار عن تقنيات مختلفة وتجربتها لإنشاء تقنيات زراعية مؤتمتة وفعالة. ومن المتوقع أن يؤدي ظهور السيارات ذاتية القيادة إلى تحسين السلامة على الطرق وتقليل حركة المرور، وسيتم أيضًا إدخال مثل هذه المركبات المستقلة في مجال الزراعة. يستطيع المزارعون إدخال الزراعة الذكية باستخدام مستشعرات إنترنت الأشياء للملاحة في الجرارات المستقلة التي ستمكنهم من البرمجة المسبقة لمسار جرارهم في الحقل. وبإمكان هذه الجرارات أيضًا جمع معلومات مهمة عن حالة التربة وزرع البذور تلقائيًا.
ستؤدي اتجاهات الزراعة الآلية أيضًا إلى ظهور روبوتات زراعية من شأنها زيادة الإنتاجية في العمليات الزراعية. علاوة على ذلك يمكن لفرع تكنولوجيا الضوئيات الزراعية استكشاف مجموعة متنوعة من الاحتمالات لتحسين الإجراءات الزراعية. على سبيل المثال: يمكن للطائرات الزراعية بدون طيار أن تفيد المزارعين من خلال تطبيق LiDAR لإنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد للمزارع لتحليل غلة المحاصيل ونوع التربة. ويساعد رسم خرائط LiDAR المزارعين أيضًا في تحديد المناطق المعرضة لتآكل التربة.
مجلة عالم التكنولوجيا