صمم خبراء التكنولوجيا ملابس تحوي مجسات مخفية ترسل لمرتديها إشارات عن صحته قبل حتى أن يلاحظ المرء أو الطبيب المشرف عليه ظهور أي علامات للمرض.
وذكرت مجلة “نيو ساينتست” العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها حول هذا الموضوع أن المجسات الموجودة على الأساور مثلا يمكنها رصد الإشارات الحيوية الني يرسلها مرتديها مثل مستوى نشاطه البدني أو أنماط نومه، إلا أن هذه الأجهزة لا تعمل في حال نزعها الشخص عن يده أو نسي أن يلبسها.
ويهدف الجيل الثاني من التكنولوجيا القابلة للارتداء إلى وضع المجسات في داخل الثياب. ويقول سايمون ماكماست، من شركة “فوتفلز أند هارتبيتس” المتخصصة بتصنيع الثياب الذكية في نيوزيلاندا : ” التكنولوجيا التي يمكن ارتداؤها شيء رائع، وأفضل شيء هو تركيب هذه المجسات على ثياب يرتديها الناس يوميا”.
تحكّم ببنية الثياب
وبتركيب هذه المجسات في نسيج القمصان والملابس الداخلية فإنها تكون أكثر قدرة على التقاط إشارات كبيرة من الجسم مقارنة بأجهزة الاستشعار التقليدية في العيادات الطبية. وفي هذا السياق يقول ماكماست :” يمكننا تركيب المجسات اينما شئنا، وذلك باستخدام خيوط موصلة، حيث يمكن التحكم ببنية الثياب بشكل يركز الموصلات في مكان ما، وبالإمكان جعلها أكثر أو أقل فعالية في قياس قوة الضغط والشد ودرجة الحرارة”.
ويشير المصممون إلى أن المجسات يجب أن تكون مخفية لا سيما إذا تم اعتمادها على مستوى عالمي. وفي هذا الصدد يقول مارك بيدلي، من شركة “سمارت لايف” للألبسة الذكية في بريطانيا : “يجب أن تكون المجسات غير مرئية في الثياب حتى يشعر الناس بالراحة لدى ارتدائها. ويمكننا وضعها في ثياب النوم بشكل غير مرئي ولا محسوس أبدا، وتكون هذه الثياب قابلة للغسيل بسهولة وبأسعار مقبولة”.
ولكن السؤال المحوري هو، ماذا يمكن أن تخبرنا هذه الثياب عن صحتنا؟ الثياب الذكية القديمة أو الأساور الذكية أو القبعات الإلكترونية وغيرها كان يمكنها أن تخبرنا عن نشاط العقل. وكذلك الثياب الضيقة كان يمكنها قياس مدى قوة عمل عضلات الإنسان والجهد المبذول. أما المجسات التي توضع على الصدر فكانت تقيس نبضات القلب بناء على نشاط القلب وأنفاس الشخص، كما يمكنها قياس ضغط المرء ودرجة حرارة جسمه.
وتستخدم مثل هذه الثياب الذكية في المراكز الطبية. وعكفت شركة “سمارت لايف” مع العديد من شركات الأدوية على رصد تأثير الأدوية على الأشخاص خلال الاختبارات الطبية. من جهته يقول يقول مارك بيدلي، من شركة “سمارت لايف” : ” بدلا من احتجاز الأفراد لساعات طويلة خلال الاختبارات الطبية يمكننا اليوم اختبار صحتهم عبر متابعة الإشارات الصادرة عن أجسادهم خلال ممارستهم حياتهم اليومية، ومتابعة تأثير الأدوية عليهم”.
التنبؤ بالأوبئة الجماعية
ويشير الخبراء إلى أنه إلى جانب سهولة رصد صحة المرضى المعروفة أمراضهم، فإن الإبداع في هذه التكنولوجيا يكمن في إمكانية التنبؤ بالمشكلات الصحية قبل حدوثها. ومن جانبه يقول ستيفان ماركة، مدير عام شركة “أو أم سيغنال” في مونتريال بكندا: ” الثياب تعتبر وسيلة عالمية لانتشار هذه التكنولوجيا، وستنتقل هذه التكنولوجيا من مستوى معرفة ماذا حدث إلى مستوى التنبؤ، مثل التنبؤ بالجلطات القلبية وذلك على المستوى الفردي أو التنبؤ بالأوبئة على المستوى الجماعي”.
ويعتبر التنبؤ بالجلطات القلبية أحد أهم الفوائد المستخلصة من هذه التكنولوجيا. ويُمول الاتحاد الأوروبي مشروع “ماي هارت” البحثي العالمي، والذي يُأمل منه أن يمنع حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية، وهي إحدى أبرز الأسباب المؤدية للوفاة في الغرب.
ويعمل الباحثون حاليا في جامعة “نوتنغهام” ببريطانيا على الاستفادة من دقات القلب وخطوات الأقدام في إنتاج جوارب ذكية تتنبأ بتقرحات القدم الناتجة عن مرض السكري.
وتصنع هذه الجوارب من ألياف ضوئية تشع ضوءاً على الجلد لقياس مستوى ضخ الدم في الشعيرات الدموية، الذي قد يشير تباطؤه إلى احتمال الإصابة بالقرحة. ويرى الخبراء أن قياس مستوى الأوكسجين يمكن أن يكون طريقة جيدة للكشف عن المشكلات الصحية وخاصة عند كبار السن.
ويقول الخبراء إن الثياب الذكية ستُمكن الأطباء مستقبلا من معرفة ما إذا كان المرء يتعرض لضغط دم مرتفع على سبيل المثال وإخباره بذلك عبر ارسال رسالة نصية قصيرة له. وعلى الرغم من أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية لم تصادق بعد على بيع هذه المنتجات تجاريا، إلا أن العاملين في هذا المجال ينظرون إلى هذه المنتجات على أنها أدوية المستقبل.
التنبؤ بالأمراض
تبيع شركة “هبسيلون” الأميركية قمصانا وثياباً داخلية تحوي مجسات لقياس نبضات القلب أثناء التمارين الرياضية. إلا أن المنتجات ذاتها قد تتنبأ يوما ما بضغط الدم بحسب مدير الشركة ديفيد فيغانو. وتطور الشركة أيضا جوارب ذكية يمكنها خلال أداء التمارين الرياضية قياس سرعة المرء وتوازنه أثناء المشي.
وما أن تجمع الجوارب عددا كافيا من البيانات حتى يمكنها عبر خوارزميات معينة إخبار الشخص الذي يرتديها بأنه على وشك فقد التوازن والسقوط مثلا. ويمكن للمجسات المُحاكة مع ثياب النوم رصد معدلات التنفس ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم على النهوض قبل حدوث ذلك.
لانا عفانه – البيان