لجأ حديثا بعض خبراء البيئة، وبهدف حمايتها من التلوث وتفاديا لهدر وضياع المياه بسبب الاستهلاك المفرط، إلى اختراع مرحاض السماد العضوي، أو ما يعرف بـ “المرحاض البيولوجي”.
ويهدف الاختراع البيئي الجديد، مساعدة أصحاب المنازل والشركات على توفير 27 بالمائة من فواتير المياه الخاصة بهم، وكذا وقف الرائحة المنبعثة من قنوات التصريف المكشوفة.
ولا يتطلب هذا الابتكار الجديد توصيلات مع نظام الصرف الصحي المعتمد على أعمال السباكة والتوصيل، بل مجرد كرسي يحتوي الفضلات البشرية، ليعمل على إعادة تدويرها من خلال تبخر البول وطمر النفايات الصلبة في انتظار تحللها، دون الحاجة إلى خزانات الصرف الصحي.
ويرتكز المرحاض البيئي على العمليات العضوية لتحويل الفضلات إلى سماد آمن للتربة، معتمدا في ذلك على نظام فريد جدا لتحليل النفايات بطريقة نظيفة وفعالة تمر عبر ثلاث مراحل.
وتسمى التقنية التي يعتمد عليها هذا الاختراع البيئي بالاسطوانة الحيوية، والتي تقوم بتسريع تفكيك النفايات البشرية وورق التواليت، إضافة إلى قسم خاص بتبخير البول، ودرج لإزالة السماد العضوي المعقم. ويتم خلال هذه المراحل استخدام مواد غير كيميائية تقوم بتسريع تحلل المكونات الغذائية في الفضلات البشرية، عوض ماء الشطف، مستخدمة مقبضا خاصا يقوم بتنشيط عملية خلط النفايات بشكل دوري، ليتم التخلص منها خارج المنزل أو بحديقته.
ويشار إلى أن اليابانيين، ومنذ سنوات مضت، كانوا السباقين إلى اختراع مماثل لتقنية “المرحاض البيئي”، أو ما أسموه بـ” التواليت البيولوجي” Biological Toilet . واتخذ هذا الاختراع شكل كرسي، يخفي تحته وحدة معالجة متكاملة للمخلفات البشرية صلبة كانت أو سائلة للحصول على سماد صحّي صالح للأراضي الزراعية.
ويعود فضل هذا الاختراع البيئي إلى مهندس ياباني، كان يجد صعوبة في توفر حمام قريب من مكتبه المتنقل والمرافق للمشروع الهندسي المشرف عليه، وبالتالي كان حمَّاما لا يحتاج إلى توصيل بشبكة المجاري، ولا يتسبب في أية أضرار بيئية للمنطقة المحيطة به.
ولتقليب هذه الفضلات الضرورية لعملية التخمر الهوائي وتنشيط البكتيريا الهوائية، يتم الاستعانة بآلية بسيطة وغير مكلفة، وهي عبارة عن شفرات وأذرع موجودة داخل الحوض، تدور بطريقة يدوية، أو من خلال الملحق المرتبط بالكرسي، الذي يأخذ شكل الدراجة الهوائية أو جهاز التنحيف، وفي بعض الأحيان تدار باستخدام محرّك كهربائي بسيط.
وقد أطلق بعض المختصين على هذه التقنية، اسم مراحيض السماد العضوي أو المراحيض الجافة، كونها لا تعتمد على المياه، وإنما يتم عبرها الاحتفاظ بالفضلات لتحويلها فيما بعد إلى سماد عضوي أو غاز حيوي.
ويوجد من هذه التقنية نوعان رئيسيان، واحدة يختلط فيها البراز والبول معا، أي أن عملية التخمير تتم انطلاقا من المنزل، بينما النوع الثاني يتم فيه الفصل بينهما، وبمجرد إخراج علبة الفضلات يتم البدء باستعمال السماد.
وللتخلص من الفضلات، تستهلك البلدان الغربية ما بين 35 و40 بالمائة من مياه الشرب هباء عبر المجاري بالمناطق الحضرية، أو من خلال الحفر المتعفنة بالمناطق الريفية، غير أن هذه النوعية من المراحيض البديلة للمراحيض الكيماوية، تتمكن من توفير كميات هائلة من المياه، وتساهم كذلك في تدوير المواد التي يتم رميها بالمجاري والتي تتطلب عمليات معالجة للمياه المستعملة.
ويذكر أنه تم اللجوء إلى استخدام هذه المراحيض الجافة أول مرة في الملاجئ والمناطق النائية، حيث تقام المهرجانات وتتجمع عشرات الآلاف من الزوار.
فاطمة الزهراء الحاتمي