انطلاقا من المكانة المتميزة التي أولاها المجلس الأوربي للغة العربية، وحرصاً من إدارة معهد ابن سينا على دمج تعليم اللغة العربية ضمن المنظومة التربوية الأوربية وفق الإطار المرجعي الأوربي المشترك للغات، وإنفاذاً لتوصيات المؤتمر السادس للمعهد والذي عقد تحت عنوان “ما هو مستقبل تعليم اللغة العربية في أوروبا في الفترة بين 2-4 شعبان لعام 1433 هـ الموافق 22-24 حزيران/يونيو لعام 2012م في رحاب معهد ابن سينا للعلوم الإنسانية بمدينة ليل الفرنسية، وذلك بالتعاون مع وبدعم من البرلمان الأوروبي والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، ودولة قطر، والمنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة (الإيسسكو) ومعهد العالم العربي بباريس والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليكسو).
فقد ارتأت الجهات المنظمة للمؤتمر العلمي السابع لمعهد ابن سينا أن يتمحور حول وضع خطة عمل لتطبيق المعايير والمواصفات الأوربية المتعلقة بالمنهاج وطرق التدريس والتقويم على اللغة العربية وإدراجها ضمن الإطار المرجعي الأوربي المشترك للغات وذلك يومي 07-08 يونيو 2013 بمدينة ليل الفرنسية. حيث ستقدم في هذا المؤتمر أوراق تتناول كيفية تطبيق هذا الإطار وأساليبه ومعاييره على اللغة العربية، وكيفية تحديد الأهداف ووضع المنهجيات وطرق التدريس والتقويم، ووسائل تطويرها، وإعادة صياغتها بما يتناسب مع هذه المواصفات، ومناقشة سبل الإفادة من إدراج اللغة العربية ضمن هذا الإطار المشترك.
وينطلق المؤتمر من خلفية أن اللغة العربية أصبحت باعتبارها لغة حية، تحتل في بلدان الاتحاد الأوروبي مكانة جيدة مهمة وإستراتيجية لدى دول ومنظمات الاتحاد الأوربي، وذلك راجع إلى:
- كون اللغة العربية هي لغة دول الجوار والمحيط والشريك للإتحاد الأوروبي، (الشراكة الأوروبية المتوسطية والإتحاد من أجل المتوسط)؛
- كونها كذلك لغة يتحدث بها أكثر من 15 مليون أوربي و/او مقيم بأوربا من ذوي الثقافة والأصول العربية، ويستعملها أكثر من 25 مليون مسلم لفهم الأصول الدينية في أوروبا؛
- انطلاقا لكونها أصبحت، بعد الكساد الاقتصادي العالمي وانهيار البورصة العالمية بنيويورك بتاريخ 14 سيتمر 2008، لغة التجارة والعلاقات المالية بين أوروبا والدول العربية عموما ودول الخليج بالخصوص.
زيادة على كون إيلاء الأهمية للغة العربية واللغة العربية لعشرات الآلاف من الأوربيين من أصل عربي وإدماجها في المقررات العمومية لدول أوربا يعد مطلبا ملحا لها ولسلطات البلدان الأم.
يضاف إلى ذلك احتضان جامعات الاتحاد الأوروبي الآلاف من الطلبة الوافدين من الدول العربية.
وكل ذلك جعل الكثير من دول الاتحاد الأوروبي (حكومات وبلديات) تهتم بنسب وأشكال متفاوتة باللغة العربية وبتدريسها كلغة حية إما بالجامعات أو المدارس الحكومية/ مع الإشارة إلى إدماج الاتحاد الأوربي تدريس اللغة العربية كلغة حية ضمن الإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات.
لأجل ذلك، وأمام تنامي الاهتمام بتدريس اللغة العربية وإدماجها في منظوماتها التربوية سواء من طرف دول الاتحاد الأوربي أو الدول الأصل للمهاجرين العرب أو هيئات وجمعيات الجاليات العربية بأوربا، لا بد من الوقوف بشكل متعمق، وللإجابة عن أية لغة عربية نريد؟ ووفق أي منهج ومقرر يجب تدريسه؟ أي لغة عربية تريدها أوروبا؟ وماذا تريد اللغة العربية من أوروبا؟
أمام الملايين الذين يتكلمون اللغة العربية بأوروبا اختلفت السياسات التعليمية في هذه الدول من مؤيد لتعليم اللغة العربية لصيقة بالثقافات الأصلية للمهاجرين واعتمادا على تدريس العامية أو الدارجة المغاربية التي هي نتيجة احتكاك وتأثير لغات المستعمر مع اللغة العربية، ومن مؤيد لتدريس اللغة العربية الفصحى كلغة الأدب والفن والتواصل، لكن تعداد وتضارب اللهجات العامية يحيلنا أمام معضلة الاستجابة لكل هاته الطلبات.
أن المتلقي للعربية عدة فئات :
- من يتعلمها لفهم النصوص الدينية.
- من يتعلمها للبحث عن الهوية العربية أمام دعاوي الصراع الحضاري والثقافي.
- من يتعلمها للتواصل الأسري والحفاظ عليه بين البلد الأصلي وبلد الإقامة.
- من يتعلمها للتجارة أو البحث العلمي أو حبا في اللغة والثقافة العربية.
أمام هاته الفئات يبقى تعليم اللغة العربية الفصحى هو المطلب الأساسي من أجل تحقيق الاندماج الايجابي وتجسيد التعايش السلمي بين مكونات المجتمعات الأوربية.
الإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات واللغة العربية:
بعد الحرب الباردة وانهيار حائط برلين وحرب البوسنة والهرسك دأب المجلس الأوروبي بوضع إطار لغوي مشترك ببعد ثقافي وقيمي يعمل على التقريب بين الشعوب ومحاربة كل النعرات المتعصبة التي تؤدي إلى الحروب من جديد.
واعترافا بدور اللغة العربية كلغة حية ولغة الحوار والتعايش السلمي لما تحمله اللغة العربية من قيم التسامح، الإخاء، العدول والمساواة، وتلبية للحقوق الثقافية واللغوية للأقليات والجاليات العربية أدرج المجلس الأوروبي اللغة العربية كلغة في الفضاء اللغوي الأوروبي.
أهداف المؤتمر :
- تأسيس مرجعية علمية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في أوروبا وغيرها من البلدان الأخرى تخدم المعنيين والمتخصصين وتنسّق أعمالهم ومشاريعهم.
- وضع أهداف لتعليم وتعلّم اللغة العربية، وتحديد مكونات المنهاج من حيث المحتوى وطرق التعليم ووسائله وعملية التقويم لبناء خبرات تعليمية متميّزة وفق معايير الإطار الأوربي.
- تطوير الوسائل التعليمية التي تزيد من تفاعل المتلقي ومشاركته مع اللغة العربية، وتشجيعه على اكتساب المهارات اللغوية اللازمة.
- تهيئة الفرصة للمراكز والمعاهد والمؤسسات المعنية بتعليم اللغة العربية لتطوير برامجها ومنهجياتها التربوية، وتفعيل الإطار المرجعي لديها.
- فتح آفاق الدراسة والبحث أمام المهتمين والمتخصصين في مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ووضع الآليات والمنهجيات التي تساعد على إدراج مناهج تعليم اللغة العربية ضمن المنظومة الأوربية للغات.
محاور المؤتمر :
1. أهداف تعليم وتعلّم اللغة العربية في أوربا :
- ما الحاجات اللغوية لمتعلمي اللغة العربية في أوروبا التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار عند تحديد المهارات اللغوية وتصميم المناهج والمقررات واختيار طرق التعليم والتقويم.
- ما أهداف تعليم وتعلّم اللغة العربية في الواقع الأوربي في المدارس والجامعات وغيرهما من المعاهد المعنيّة من حيث تلبية حاجات الدارسين ومحاكاتها لمعايير الإطار الأوربي ؟
- ما خصائص الخطاب اللغوي، وما المفردات والتراكيب اللغوية التي ينبغي اكتسابها لتلبية حاجات المتعلمين اللغوية؟
2. إعداد المحتوى اللغوي :
يتكون المحتوى من المفردات والتراكيب اللغوية والموضوعات الحياتية اليومية والجوانب الثقافية التي تشكل أساسا لاكتساب المهارات اللغوية. ويجب أن يكون المحتوى مبنيا على حاجات المتعلمين والفروق الفردية بينهم وأهداف تعليم اللغة العربية، وأن يواكب التقدم المعرفي والتقني مع مراعاة الطريقة التربوية والوقت المتاح، وكفاءة المدرسين: تكويناً وخبرة.
- ما محتوى المنهج لكل مستوى لغوي من مستويات الكفاءة في تعليم اللغة العربية كلغة ثانية وفق الإطار المرجعي الأوربي المشترك؟
- ما المهارات اللغوية (الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة والترجمة) التي يرغب متعلم اللغة العربية من غير الناطقين بها في أوروبا في اكتسابها وإتقانها؟
3. الطرق والإستراتيجيات الحديثة في تعليم اللغة العربية .
- ما هي الطرق والإستراتيجيات الحديثة التي ينبغي اتباعها في تعليم اللغة العربية كلغة ثانية؟
4. الوسائل التعليمية والتقنيات الحديثة في تعليم اللغة العربية .
- ما الوسائل التعليمية والتقنيات الحديثة التي يمكن أن تدعم التعليم الفعال للغة العربية حسب المواصفات الأوربية؟
5. تقويم عملية تعليم اللغة العربية
تعتبر عملية التقويم مسألة ضرورية لمعرفة مدى ملائمة المنهج لحاجات المتعلمين، ومدى اكتسابهم للخبرات والمهارات، ومدى تمكنهم من ممارستها، ولتحديد جوانب القوة والضعف مما يساعد المدرسين في التغلب على الصعاب وتصحيح العملية التعليمية وفق الأساليب والأسس العلمية الحديثة.
تشمل عملية التقويم المتعلمين والمعلمين القائمين على تنفيذ البرنامج والمنهج الدراسي…الخ.
- كيف يمكن تصميم اختبارات لقياس الكفاءة اللغوية – استماعاً وتحدثاً وقراءة وكتابة- لدى المتعلمين في المستويات المختلفة وفق الإطار المرجعي الأوربي للغات؟
- كيف يمكن تصميم أدوات لحصر آراء المتعلمين والمعلمين والآباء والجهات المعنية في المنهج وطرق التعليم…الخ؟