في ظل مشكلة نقص الأطباء الحاد الذي تعاني منه الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، ربما يعني الذهاب إلى المستشفى عادة أن على المرء قضاء ساعات في الانتظار للحصول على دوره في الاستشارة الطبية التي قد لا تستغرق سوي بضع دقائق معدودة فقط، تلك القضية التي تسعى السلطات الصينية للتخلص منها باستخدام “الذكاء الاصطناعي”.
وحسب ما ذكرته صحيفة الشعب الصينية، أطلق المستشفى الثاني بمقاطعة جوانجدونج برنامجا طبيا يطلق عليه “الطبيب الذكي”، والذي يقدم خدمة تشخيص الأمراض ودفع التكاليف على الإنترنت دون الحاجة إلى جهد الذهاب إلى المستشفيات وقضاء الكثير الوقت في الانتظار.
ويمكن للبرنامج الطبي الذي يعمل عن طريق الإنترنت تشخيص أكثر من 200 نوعا من الأمراض بدقة تصل إلى أكثر من 90%.
وباستخدام الـ”وي تشات”، تطبيق الدردشة الأكثر شعبية في الصين، يمكن للمستخدمين الحصول على تشخيص طبي من خلال الحساب العام للمستشفى، حيث يقوم برنامج “الطبيب الذكي” بعرض سلسلة من الأسئلة على المريض، في محاولة للتشخيص الذاتي، من ثم يقدم البرنامج بعض توصيات والإرشادات الطبية استنادًا إلى إجابات المريض.
وفي إحدى الحالات، سُئلت امرأة تبلغ من العمر 23 عاماً نحو 24 سؤالاً من قبل البرنامج الذكي، وفقًا لتقرير إعلامي محلي، كانت تعتقد السيدة أن آلامها الطويلة في البطن مرتبطة بجهازها الهضمي، إلا أن أداة الذكاء الاصطناعي أخبرتها أن الأمر لا علاقة له بجهازها الهضمي وأن عليها رؤية طبيبة النساء.
ولم يقتصر دور “الطبيب الذكي” على تقديم الخدمة للمرضى فقط، بل يساعد الأطباء أيضاً خلال عملية العلاج، حيث يمكن للأطباء مراجعة التاريخ الطبي للمريض واتخاذ الاقتراحات الطبية المقدمة من هذا البرنامج الذكي، الأمر الذي من شأنه رفع فاعلية العمل وتخفيض نسبة الأخطاء عند التشخيص.
وعلى سبيل المثال، كان الطبيب يستغرق ما بين 5 و10 دقائق لتشخيص المريض في الماضي، في حين يمكن أن يترك اليوم مهمة التشخيص إلى هذا البرنامج الذكي، ويركز على فحص المريض مباشرة، ما يساعد على حفظ 50% من الوقت المطلوب للعلاج.
وحسب الصحيفة، كانت قد وضع مجلس الدولة الصيني استراتيجية للذكاء الاصطناعي في عام 2017، بهدف تنمية الصناعات الأساسية للذكاء الاصطناعي في البلاد إلى أكثر من 1 تريليون يوان (150 مليار دولار، بزيادة 100 مرة عن رقم في عام 2016)، لتجاوز أكثر من 10 تريليونات يوان بحلول عام 2030.
في وقت لاحق من ديسمبر عام 2017، كانت قد أصدرت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات في الصين خطة عمل لمدة 3 سنوات لتحقيق أهداف محددة للتكنولوجيات والقطاعات المختلفة بما في ذلك الرعاية الصحية، وأهم ما تنص عليه الخطة الاستخدام واسع النطاق للروبوتات الخدمية التي تدعم الذكاء الاصطناعي في الصين.
على سبيل المثال، بحلول عام 2020، هناك هدف لأنظمة الذكاء الاصطناعي لتكون قادرة على تشخيص أكثر من 95% من الأمراض الشائعة، المرتبطة بالمخ والرئتين والعين والعظام ونظام القلب والأوعية الدموية.. إلخ.
وتأمل البلاد – التي تتحدى الولايات المتحدة لتكون القوة البارزة في العالم في مجالات الذكاء الاصطناعي- أن تتمكن “الروبوتات الطبية” من حل قضية نقص الأطباء الحاد في البلاد.
ولدى الصين حالياً نحو 2.3 طبيب لكل 1000 شخص، مقارنة مع 4.25 في سويسرا و2.83 في المملكة المتحدة، في حين أن سرعة شيخوخة السكان أيضاً تضيف المزيد من الضغط إلى نظام الرعاية الصحية في البلاد.
هديل عادل – العين الإخبارية