أعلنت شركة الاتصالات الأميركية أبل أنها تخطط على مدى العقد المقبل للوصول إلى الحياد الكربوني بنسبة 100 في المئة، أي إزالة جميع الكربون المنبعث من جميع أعمالها، فيما تعهدت مايكروسوفت بالتوقف عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد كخطوة أولى.
قالت شركة أبل الثلاثاء إنها “تخطط على مدى العقد المقبل للوصول إلى الحياد الكربوني بنسبة 100 في المئة، أي إزالة جميع الكربون المنبعث من جميع أعمالها، ويشمل ذلك: منتجاتها وسلسلة التوريد المترامية الأطراف”. وقالت الشركة الأميركية المصنعة لهواتف أيفون في منشور إن “عملياتها المؤسساتية العالمية، مثل المكاتب ومراكز البيانات أصبحت بالفعل خالية تماما من انبعاثات الكربون، ولكنها ستوسع جهودها لتشمل الآلاف من الموردين الذين يساهمون في منتجاتها”.
وقالت شركة أبل إنها “تهدف إلى تحقيق 75 في المئة من الهدف عن طريق الحدّ من الانبعاثات، في حين تأتي نسبة 25 في المئة المتبقية من إزالة الكربون، أو من مشاريع التعويض، مثل: زراعة الأشجار، واستعادة موائل الحيوانات”. وفي ما يتعلق بسلسلة التوريد الخاصة بها، فإن أبل تهدف إلى معالجة ما يسمى بانبعاثات “النطاق الثالث”، التي تأتي بصورة غير مباشرة من الشركات التي تتعاقد معها الشركة لتصنيع المنتجات، وفي حال أبل، تشمل تلك الشركات: فوكسكون.
وقالت شركة أبل إن “74 في المئة من انبعاثات الكربون الإجمالية تنتج عن تصنيع المنتجات. ولمعالجة انبعاثات “النطاق الثالث”، قالت الشركة إنها “ستساعد في إنشاء ‘الصندوق الأخضر الأميركي الصيني’ بقيمة 100 مليون دولار لتوفير استثمارات رأسمالية للموردين من أجل مشاريع كفاءة الطاقة”. وتعمل الشركة أيضا مع الموردين لتقليل الانبعاثات باستخدام المواد المعاد تدويرها، قائلة “إن أجهزة أيفون الخاصة بها تستخدم الآن العناصر الأرضية النادرة المعاد تدويرها في مكون يسمى المحرك التتابعي”.
مع الإشارة إلى أن العناصر الأرضية النادرة تستهلك الكثير من الطاقة في التعدين، ولكنها غالبا ما تُستخدم بكميات صغيرة جدا لجعل إعادة التدوير اقتصادية. وقالت شركة أبل إنها “أنشأت روبوتا لاستعادة المواد من بعض
التزام البيئة
قالت شركة أبل إن “الجهود لإزالة الكربون أو تعويضه ستأتي من خلال صندوق لمساعدة مشاريع، مثل استعادة النظم البيئية لغابات المانغروف في كولومبيا، والسافانا في كينيا”. ولم تكشف الشركة عن المبلغ المخصص للصندوق. يُشار إلى أن أحدث تقرير بيئي من شركة أبل، الذي غطى السنة المالية 2018، قدّر بصمتها الكربونية بـ25.2 مليون طن.
وكانت أول خطوة فعلية في هذا الاتجاه هي أيفون 12 فعندما أعلنت شركة أبل أن أيفون 12 سيباع دون شاحن في العلبة، لم يكن ذلك مفاجئا للكثيرين. فقد استمرت الشائعات حول هذا لعدة أشهر، وقيل بأن إخراج الشاحن وسماعات الرأس من علبة الهاتف سيوفر للشركة الكثير من رسوم الشحن. وتبين أن هذا سيوفر مليوني طن متري من الكربون كل سنة أيضا. ومع ذلك، بعد أيام قليلة من الإعلان، وبعد يوم واحد فقط من طرح الهاتف الجديد في المتاجر، لا يمكنك إلا أن تشعر أن أبل ربما تجاوزت الحدود قليلا وأصابت العديد من العملاء، لأسباب مفهومة، بإحباط وارتباك.
تبقى الشركة ملتزمة بخفض صافي انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول سنة 2030 من خلال مزيج من الخفض والتعويض. وحقق عدم شحن أجهزة الشحن وسماعات الرأس في الواقع نتائج كبيرة. وقلل من انبعاثات الكربون وتجنب التعدين واستخدام المواد الثمينة، مما يتيح تغليفا أصغر حجما وأخف وزنا، ويسمح بشحن صناديق أكثر بنسبة 70 في المئة كل مرة. ستعمل هذه التغييرات مجتمعة على خفض أكثر من مليوني طن متري من انبعاثات الكربون سنويا، أي ما يعادل انبعاثات 450 ألف سيارة سنويا.
ويمثّل مليونا طن متري من الانبعاثات الموفرين ما يقرب 8 في المئة من البصمة الكربونية السنوية للشركة، والبالغة 25.1 مليون طن متري، ويتأتي 76 في المئة منها من تصنيع المنتجات.
وقررت شركة أبل تعديل بصمتها الكربونية بتقليل حجم عبوات هواتفها. لكن هذا ليس التغيير الوحيد الذي أحدثته. فلأول مرة، يستخدم طراز أيفون 12 العناصر الأرضية المعاد تدويرها بنسبة 100 في المئة لتصنيع أجزاء، بما في ذلك الكاميرا والملحقات. وبذلك، حققت الشركة نجاحات في خفض نسب الكربون بقرارات تجاوزت العلب الصغيرة.
كان هناك القليل من الحديث بعد إطلاق هاتف الأيفون 12 بخصوص قرارين رئيسيين من شركة أبل. وقررت استعمال منفذ لايتنينغ بدل منفذ يو.إس.بي من النوع سي وتضمين محوّل من يو.إي.بي.سي إلى لايتنينغ، بدلا من أن يكون متوافقا مع يو.إس.بي أي.
وقال بريان وولف من أي مور التي تعد مصدرا لأخبار شركة أبل “هنا تبدأ رسالة أبل البيئية في التشوش. من خلال شحن الكابل مع الهواتف الجديدة، تشجع الشركة المستخدمين على تبني تقنية جديدة. بالنسبة للبعض، سيضيف هذا إلى تكلفة الجهاز”.
إذا كان جهاز أبل الوحيد الموجود في منزلك هو أيفون 11 أو طراز أقدم، فيمكنك اعتماد محول لايتنينغ إلى يو.إس.بي. لكن، يعني ذلك عدم الاستفادة من تقنية الشحن السريع التي تتيح لك شحن جهازك الجديد بنسبة تصل إلى 50 في المئة في حوالي 30 دقيقة. لهذا، تحتاج إلى شراء محول يو.إس.بي.سي بقوة 20 واط من أبل مقابل 19 دولارا. بعبارة أخرى، إذا كنت ترغب في الاستفادة من هذه التقنية الجديدة، فإن الشركة ستستفيد من احتياجات الشحن الجديدة.
لكن المشكلة الأولى لم تكن مفاجأة. كانت الشائعات في الفترة التي سبقت إطلاق الأيفون 12 واضحة في أنه لن يكون هناك يو.إس.بي سي أيفون 12، وزعمت شائعات أنه لن يكون هناك يو.إس.بي.سي أيفون. ولكن يوجد بالفعل الكثير من أجهزة شحن يو.إس.بي.سي. كما جهّزت أجهزة أبل الأخرى مثل ماكبوك وأي باد بمنافذ شحن يو إس.بي.سي، مما يجعل الأيفون الجديد غريبا في تشكيلته.
التخلص من الشاحن والسماعات
هناك حجج مضادة لهذا بالطبع. فمن شأن الانتقال إلى معيار شحن جديد آخر أن يجعل الكثير من الأجهزة مثل المحولات ومكبرات الصوت عديمة الفائدة بين عشية وضحاها. وإذا كانت شائعات إصدار جهاز أيفون دون منفذ في 2021 صحيحة، فلن يكون من المنطقي إجراء هذا التغيير إذا كان مناسبا لمدة سنة أو اثنتين فقط.
ومع ذلك، تزعم أبل أن التخلي عن أجهزة الشحن لأن الكثير يمتلكون أجهزة الشحن. ولكن، كما لاحظ بريان وولف، ربما يمتلك الكثيرون يو.إس.بي.أي وليس سي، مما يجعل المحوّل الذي يأتي مع الأيفون 12غير مجد. وبالمثل، إذا اشتريت أيفون 12، فلن تتمكن سوى من استخدام المحوّل الذي يأتي معه إلى جانب شاحن اليو.إس.بي.سي، مما يجعل شواحن اليو.إس.بي.أي القديمة غير مجدية.
أضافت أبل ماغسيف، وهي طريقة جديدة لشحن الهاتف عبر جزء مغناطيسي يتم توصيله بالجزء الخلفي من الجهاز. بطبيعة الحال، هذا ملحق منفصل بقيمة 40 دولارا. ويأتي مع يو.إس.بي.سي، مما يعني أنك ستحتاج إلى شراء شاحن يتوافق معه بشكل منفصل إذا لم يكن لديك واحد.
أخبرت أبل مستخدميها أنها لن ترفق شاحنا لأنها تريد أن تقلل من المخلفات الإلكترونية وتكاليف الشحن، بينما تقدم تقنية شحن مختلفة ومجموعة جديدة من الملحقات، وتساهم بها في انبعاثات الكربون بسبب التصنيع والشحن وترفع تكلفة التمتع بتجربة الأيفون 12 الكاملة.
وحسب المعلومات، لا يؤثر كلّ هذا على الشحن السريع. بشكل غير رسمي، حيث تكشف الاختبارات الأولية أن الشاحن بقوة 18 واط لا يزال سريعا جدا (إن لم يكن بنفس السرعة). ولكن، حسب أبل، تحتاج إلى شراء شاحن بقوة 20 وات من تصنيعها إذا لم تكن تمتلك ذلك المرفق مع الآيباد إير 2020 الذي أصبح معروضا للبيع منذ ثمانية أيام.
بفضل ماغسيف، والحاجة إلى شاحن بقوة 20 واط إذا كنت تريد الشحن السريع، يوجد الآن عدد من الطرق التي يمكنك اعتمادها لشحن هاتفك. وسيؤثّر اعتماد أي طريقة تختارها على المدة التي يستغرقها الجهاز ليكتمل شحنه وعلى طوال دورة حياتها. ربما تكون فكرة طرح المزيد من الخيارات جيدة لأنها تمنح المستخدمين أقصى قدر من المرونة في استخدام الملحقات التي يمتلكونها بالفعل لكنها قد تربك عملاء أبل الجدد والقدامى على حد سواء.
وقالت وحدة أبل ماغسيف التابعة لأيفون “ليس لدي مشكلة كبيرة مع قرار أبل بإزالة أجهزة الشحن من العلبة. ففي شهر يونيو الماضي، جادلت لصالح هذه الخطوة بالضبط، وواجهت سخط الإنترنت. ومع ذلك، أعتقد أن الرسائل المتعلقة بالقرار لم تكن مناسبة. وأتوقّع أن يمضي الكثيرون فترة طويلة وهم يحاولون معرفة ما يحتاجون لشرائه بالضبط (أو عدم شرائه) لاستخدام هاتفهم الجديد.”
وأضافت “أنا متأكد من أن أبل ستنظر في تأثير إضافة طريقة جديدة لشحن الهاتف إلى هذا العدد من الطرق، وستدرس تكلفة صنع هذه الملحقات الجديدة وتأثير شحنها بيئيا.ويسعدني أن أقف إلى جانب بيان شركة أبل في ما يتعلق بكمية الكربون التي يمكن أن توفرها ببيع الهواتف دون أجهزة شحن. لكنني أتعاطف مع أي شخص جعلته الشركة يشعر بالارتباك، أو أي شخص اضطر إلى البحث عن أجهزة الشحن التي يمكنه استخدامها للتمتع بأكبر قدر ممكن من المزايا.”
وشددت”يجب أن نذكر أن جل عملاء أبل ليسوا مهووسين بالتكنولوجيا. لذلك، أتساءل عما إذا كان هذا هو ما شعر به الكثير من عملاء الشركة عندما تم تقديم لايتنينغ لأول مرة في الهواتف، وما إذا كان الزمن سيكشف أن أبل
كانت سابقة للعصر.لكن هذا لا يعني أن التغيير ليس كبيرا، أو أنه لا يُسمح للعملاء بالشعور بالارتباك بسبب هذه الخطوة، حتى لو كانت لمصلحتنا على المدى الطويل.في غضون ذلك، إذا كنت تبحث عن كيفية شحن جهازك الجديد وما قد تحتاجه، يمكنك أن تدقق في دليل الشاحن.”
مايكروسوفت على الخط
من جانبها شركة مايكروسوفت اليوم تخطط لوقف توليد المخلفات من عملياتها بحلول عام 2030، كما تعهدت بالتوقف عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في عبواتها بحلول عام 2025، وكجزء من هدفها، ستقوم الشركة بإعداد ما تسميه “المراكز الدائرية” للسماح للشركة بإعادة استخدام أو إعادة تدوير 90 في المئة من نفاياتها في الموقع، بدلا من إرسالها إلى جهات إعادة التدوير التابعة لجهات خارجية.
وبحسب موقع “ذي فيرج” الأميركي، فتعد الخوادم المستخدمة في مراكز بيانات مايكروسوفت أحد العناصر باهظة الثمن التي سيتم إعادة تدويرها داخليا، وتعهدت الشركة أيضا بالقضاء على النفايات من عملية التصنيع الخاصة بها، على الرغم من أنه لن يُتوقع من مورديها الالتزام بنفس هدف النفايات تماما مثل مايكروسوفت.
وفي العام الماضي، أرسلت أكبر مجمعات المكاتب التابعة لشركة مايكروسوفت 3.189 طنا متريا من النفايات إلى مدافن النفايات، ويهدف الالتزام الجديد إلى خفض ذلك إلى الصفر خلال العقد المقبل، ولكن مقارنة بالقمامة القادمة من مكاتب مايكروسوفت، فإن النفايات الإلكترونية من الأدوات التي تنتجها الشركة وغيرها من الشركات المصنعة تمثل مشكلة أكبر بكثير.
وقد ألقى المستخدمون برقم قياسي بلغ 53.6 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية على مستوى العالم في عام 2019، وفقا لتقرير صدر في يوليو، ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم فقط، لكن لن يكون لإعلان اليوم من مايكروسوفت تأثيرا كبيرا على كل أكوام النفايات الإلكترونية هذه، حيث إن الشركة لا تحاسب نفسها بعد على ما يحدث للمنتجات التي تبيعها.
وقد دعت جماعات دفاعية أخرى مثل “إي.أس بيرغ” شركة مايكروسوفت إلى الدفع ضد قوانين “الحق في الإصلاح المقترحة، والتي تتطلب من الشركات نشر معلومات حول منتجاتها وما إذا تسمح للمستهلكين بإجراء إصلاحات بمفردهم أو من خلال أطراف ثالثة، إذ يقول المدافعون إن بإمكانهم المساعدة في إبقاء المنتجات قيد الاستخدام – وإبقائها بعيدا عن مدافن النفايات.
ويقول بريان جانوس، المدير العام لشركة مايكروسوفت “نحن ملتزمون تماما بزيادة قابلية منتجاتنا للإصلاح، ولكننا نحاول أيضا موازنة جوانب أخرى مثل السلامة والمتانة، وبالطبع -ربما الأهم بالنسبة لنا- الخصوصية والأمان”.
ويصاحب تعهد صفر نفايات هدفا بيئيا رئيسيا آخر حددته مايكروسوفت في بداية العام، كما أعلنت مايكروسوفت في يناير أنها ستزيل غازات الدفيئة من الغلاف الجوي أكثر مما تنتج بحلول عام 2030 وستتولى المهمة الضخمة المتمثلة في خفض جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تم إطلاقها بحلول عام 2050.
صحيفة العرب