ثانيا: التشريعات
صناعة الإنسان في الإسلام تتغيى إخراج إنسان متحرر، ليس في ضميره أو جسده فحسب، وإنما متحرر أيضا في رأيه، وفي أسلوب تعبيره عنه. فالإنسان في الإسلام يُتغيى أن يكون متحررا من سلطان العباد(1)، وإن جوهر الاستخلاف والأمانة هو القدرة على أداء الواجبات، وانتزاع التمتع بالحقوق (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) [النساء 97].
وقال سبحانه: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) [النساء 75].
وقد استنبط الإمام مالك من هذه الآية أن براءة الذمة بخصوص المستضعفبن، معقودة بالنصر بالبدن، إن كان العدد يحتمل، وإلا فلا سبيل إلا ببذل جميع الأموال(2).
وقال تعالى لوما للذين ينشِّئون بناتهم تنشئة تعجزهن عن المطالبة بحقوقهن، وبعد ذلك تظل وجوههم مسودة وهم كظيمون إذا بشروا بالأنثى (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا، ظل وجهه مسودا وهو كظيم، أو من ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين) [الزخرف 16-17]
ويمكن رصد عدد من المركبات التشريعية المشَكِّلة لصرح مقصد ضمان حقوق الإنسان:
(1) – قال ربعي بن عامر تعبيرا عن المقصد الكلي للإسلام في جوابه لرستم بعد أن سأله: “لم جئتم؟” قال رضي الله عنه: “ابتُعِثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده…” ابن جرير الطبري، تاريخ الأمم والملوك، دار الفكر، ط1979م، 3/23 فما بعدها، أحداث سنة 14 هجرية.
شكرا جزيلا فضيلة الامين العام