كانت الأمريكية سوزان سولومون، المرأة الوحيدة التي رافقت فريقا مكونا من 15 عالما، خلال رحلتها الاستكشافية الأولى إلى القطب الجنوبي سنة 1986. واعْتُبرت رحلتها هاته، الأولى في بداية مشوارها العلمي وانشغالها بمشاكل طبقة الأوزون. واستهدف الفريق العلمي دراسة الثقب المحدث بطبقة الأوزون في مضيق ماكموردو بالقطب الجنوبي، حيث اكتشف أن نسبة مستويات اوكسيد الكلور في الجو هناك، جد مرتفعة عن المتوقع، وأرجع السبب في ذلك إلى الكلورفلور الكربوني. في حين أوضحت سولومون أن البراكين هي الأخرى تتسبب في الرفع من وتيرة التأثيرات الكيميائية الموجودة بالجو بسبب الكلورفلور الكربوني وتساهم في تخريب طبقة الأوزون.
ازدادت خبيرة المناخ الأمريكية، والرائدة في العلوم الجوية (طبقة الاوزون)، سوزان سولومون سنة 1956 بمدينة شيكاغو، وامتازت خلال مشوارها الدراسي الثانوي بميولات علمية، يرجع الفضل فيها لمتابعة سوزان لسلسلة برنامج القبطان جاك كوسطو. وقد تمكنت من احتلال المركز الثالث في امتحان وطني للعلوم، من خلال تقديمها لمشروع قامت فيه بقياس نسبة الاوكسيجين في خليط من الغاز.
ودرست سولومون، الباحثة بجامعة كولورادو، الكيمياء بمعهد إلينوى للتكنولوجيا ما بين 1977 و1981، حيث حصلت على دكتوراه الكيمياء الجوية من جامعة كاليفورنيا، مما مكنها من انتزاع لقب الكيميائية الأولى التي أقرت بمسؤولية الكلورفلور الكربوني في تكوين ثقب بطبقة الأوزون.
وفي البداية، تميزت أعمال سوزان سولومون، عضو المجموعة الدولية لخبراء المناخ، بالاشتغال على القارة القطبية الجنوبية، وبموضوع استنفاذ الأوزون بهذه المنطقة من الكرة الأرضية، لتشارك فيما بعد، بالتوجيه والإشراف على أشغال المجموعة الدولية، ويرجع لها الفضل في فوز المجموعة بجائزة نوبل للسلام سنة 2007 مناصفة مع آل جور. وقبل ذلك فازت بالميدالية الوطنية للعلوم سنة 2000، وهي أعلى درجات التميز العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية. وفازت بالميدالية الكبرى لأكاديمية العلوم سنة 2008، بفضل عضويتها بالأكاديمية الفرنسية للعلوم، وخلال ذات السنة اختارتها مجلة التايمز من بين الأشخاص المائة الأكثر تأثيرا بالعالم. واشتهرت الخبيرة سولومون بدراساتها وأبحاثها حول ثقب طبقة الأوزون، ومركبات الكلورفلور الكربونية، والتي دفعت بالمجتمع الدولي إلى إخراج بروتوكول مونتريال للوجود (الاتفاق الدولي لحماية طبقة الأوزون ومراقبة المواد الكيميائية)، وكذا الانتعاش المحتمل للمواد المستنفدة.
وبسبب تداخل الستراتوسفير ومناخ السطح، اهتمت سولومون بدراسة وفهم أهمية الستراتوسفير في التغيرات المناخية بالقطب الجنوبي، وبتوضيح دور مركبات الكلورفلور الكربونية في استنزاف طبقة الأوزون بالقطب الجنوبي، حيث أثبتت أن استنزاف أوزون الستراتوسفير يؤثر على مناخ سطح القطب الجنوبي بشكل غير متوقع. واكتشفت أيضا أن استنزاف هذه الطبقة لا يكون شديد الخطورة في القطب الجنوبي، إلا خلال مواسم معينة، إلا أنه يتسبب في تغيير أنماط الرياح عند وصولها للأرض، مع تأثيرات هامة على المناخ.
وتمكنت وطنيا ودوليا، من إحراز العديد من الجوائز والميداليات، من بينها جائزة الكوكب الأزرق سنة 2004 والميدالية الوطنية للعلوم سنة 1999. ونالت عضوية كل من الأكاديمية الوطنية الأمريكية والأوربية للعلوم.
وأصدرت سولومون سنة 2001، كتابا بعنوان ” مارس الأشد برودة” اعترافا منها بجهود وشجاعة فريق روبر فالكون اسكوت، وصعوبة الرحلة التي قام بها إلى القطب الجنوبي سنة 1912، حيث تعرض الفريق البريطاني إلى الموت هناك بسبب انخفاض درجة الحرارة ( 35 درجة تحت الصفر).
فاطمة الزهراء الحاتمي