أظهرت دراسة أجريت في معهد علم النفس الطبي في جامعة ماغديبرغ بألمانيا، تحت إشراف البروفسور بيرنهارد سابيل، وجود علاقة وثيقة تربط بين الإجهاد النفسي المستمر وفقدان الرؤية مع مرور الوقت. ونشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة ( EPMA Journal) العلمية.
تستند الدراسة الحديثة على عدة دراسات سابقة، من بينها دراسة ترجع للعصور القديمة، ففي كتاب باللغة السنسكريتية بعنوان “SUSRUTA SAMHITA”، يرجع تاريخه كما يعتقد لـ 1300 قبل الميلاد، قام جراح هندي يدعى (سوسروتا)- مارس الطب الهندي القديم التقليدي- بسرد 18 سبباً مختلفاً لفقدان الرؤية منها: الإجهاد النفسي والعاطفي، وعادات النوم الخاطئة كالنوم خلال النهار والسهر، البكاء المستمر، والغصب المفرط، وغير ذلك.
تمكن الباحثون من خلال تلك الدراسات ومن بينها أبحاث سريرية، من التأكد من وجود علاقة بين الضغط النفسي وفقدان البصر، ، موضحين أن الإجهاد ليس مجرد نتيجة أو عامل خطر ثانوي فحسب، بل أحد الأسباب الرئيسية لفقدان البصر التدريجي الناتج عن أمراض معينة في العين مثل الغلوكوما (المياه الزرقاء)، والاعتلال العصبي البصري، والتنكس البقعي المرتبط بالتقدم في العمر (AMD)، واعتلال الشبكية السكري، والتهاب الشبكية الصباغي (RP)، وغلوكوما الزاوية المفتوحة (POAG)، الذي يعتبر السبب الرئيسي للعمى لا رجعة فيه مع انتشار من المتوقع أن ينمو من 64.3 مليون بحسب إحصاءات عام (2013)، إلى 76.0 مليون (أي أكثر من ضعف مرض الزهايمر) في عام 2020 (111.8 مليون في عام 2040).
الحد من الإجهاد
وقال البروفيسور سابيل إن الإجهاد المستمر وارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول المرتفعة يؤثران سلباً على صحة العين والدماغ، ويسببان خللاً في الجهاز العصبي اللاإرادي والأوعية الدموية، إذ أن التوتر يزيد من مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، وبالتالي تؤثر هذه المستويات المرتفعة على المدى الطويل على العين والدماغ.
لذلك يوصي البرفيسور سابيل بالتخفيف من حدة الضغط والإجهاد النفسي عبر استخدام تقنيات الحد من الإجهاد والاسترخاء مثل التدريب الذاتي أو العلاج النفسي أو التأمل، ليس فقط كمكمل علاجي لفقدان البصر، بل أيضاً كإجراء وقائي محتمل لتقدم فقدان الرؤية. علاوة على ذلك، يجب على الأطباء المعالجين أن يبذلوا قصارى جهدهم للتعبير عن موقف إيجابي والتفاؤل، وتزويد مرضاهم بالمعلومات حول أهمية الحد من الإجهاد والتخفيف من قلقلهم. وقال البروفيسور سابيل: “يجب أن يكون الحد من الإجهاد هدفاً مكملاً للمعالجة، لما قد تقدمه من فرص جديدة لتحسين الرؤية في أمراض مثل الغلوكوما أو تلف العصب البصري“.
DW