قال خبير بريطانيا إن التجربة المغربية من شأنها أن تشكل نموذجا للاحتذاء في البلدان الأوروبية التي تسعى إلى إدماج الإسلام وتحقيق التمييز بين التطرف وبين الدين الحقيقي، مؤكدا أن النموذج المغربي حاضر في النقاشات التي تجري حاليا في الساحة الأوروبية حول الإسلام.
وأكد أرتوس غالاي، من جامعة لندن، في دراسة حديثة له، أن ما حصل يوم 19 مارس في فرنسا بعد إقدام الفرنسي من أصل جزائري محمد مراح على قتل عدد من الأشخاص واليهودي بمدينة تولوز وإعلان ولائه لتنظيم القاعدة، أعاد الإسلام إلى مركز النقاش في الوسط الفرنسي، كما طرح على المسؤولين الأوروبيين سؤال: كيف يمكن التمييز بين الإسلام والتطرف الديني؟.
وقال غالاي:”إن المقاربة المغربية للإسلام يمكنها أن تقدم شيئا مهما لأوروبا، ففي المغرب تتم ممارسة الإسلام بطريقة معتدلة ومتسامحة، مع خضوعه بشكل واسع لمراقبة الدولة… مما يمنع بروز جماعات متطرفة”، مضيفا بأن الإسلام في المغرب يعتبر الدين الرسمي للدولة، وهو ما لا يوجد في أوروبا العلمانية”لكن السماح للأئمة بالخطابة وبتعليم الإسلام لا يمس أي مبدأ من مبادئ العلمانية، بل إن هذا يشكل حصنا قانونيا يمنع الأئمة المشتددين من نشر الحقد والعنف باسم الدين، وبهذه الطريقة تبقى الدولة علمانية وتستمر في التعامل مع الأديان بشكل متساو”، مشيرا إلى أن نزعة معاداة الإسلام في أوروبا(إسلاموفوبيا) تعمل على تدمير الرباط الاجتماعي بين الأوروبيين ذوي الديانات المختلفة.
وأوضح الباحث في دراسته أن الإسلام ـ خلافا للأديان الأخرى ـ له طابع خاص، إذ بعكس الكنيسة لا يعرف سلطة مركزية تلزم العالم الإسلامي بالرجوع إليها، ومن هنا تعددية واختلاف التفاسير التي تعطى للقرآن الكريم، لكن المهمة الأصعب ـ يتابع غالاي ـ للتمييز بين الإسلام والتطرف الديني هو”خلق إطار للحياة يسمح للمسلمين بممارسة دينهم وبأن تكون لهم نفس الحقوق التي تتمتع بها الديانات الأخرى، مع الحيلولة دون انتشار التفسيرات المتطرفة للإسلام”.
وأشار غالاي إلى أن أوروبا ليس لديها سياسة موحدة اتجاه قضية إدماج المسلمين، مستدلا بمثالي فرنسا وبريطانيا. ففي فرنسا مثلا لا يتم الاعتراف بالمسلمين إلا كأفراد وليس كجماعة، وتعتبر أن على المهاجرين أن يتحدثوا الفرنسية وأن يحترموا القيم الفرنسية لكي يكونوا مندمجين “بشكل جيد” في الجمهورية، بينما النموذج البريطاني أكثر ليبرالية ويسمح للمهاجرين المسلمين بالعيش المشترك في جماعة وفق مبادئهم الخاصة بهم.
إدريس الكنبوري