نتوقع في هذا العام، أن نشهد تطورات مثيرة على الصعيد العام وعلى مستوى الصناعة تحديداً. مع ظهور العديد من العوامل المؤثرة على التوجهات الحديثة. فيما سيحرز قطاع الخدمات الصحية، تقدماً سريعاً في دول مجلس التعاون الخليجي.
تأثير أسعار النفط
عموماً، وجدنا أن قطاع الرعاية الصحية، لا يتأثر بالتغيرات الطارئة على أسعار النفط. فقد ازدادت نفقات الرعاية الصحية بانتظام، بمرور الأعوام، بصرف النظر عن تفاوت الأسعار، ورغم الانخفاض الحاد في أسعار النفط عام 2015، واصلت نفقات الرعاية الصحية ارتفاعها في عامي 2016 و2017. ومن المتوقع تكرار ذلك في عام 2018، رغم انخفاض استهلاك الأسر بنسبة 3%.
التغيرات السكانية
كذلك التركيبة السكانية في طريقها إلى التغير تغيراً طفيفاً، لكن سيكون حاسماً؛ إذ تشير العديد من الدراسات السكانية إلى تزايد فئة كبار السن، مما يفرض تغيراً في قطاع الرعاية الصحية. وسيستدعي ازدياد عبء الأمراض المزمنة وتلك المرتبطة بالشيخوخة، اتخاذ الجهات مقدمة الرعاية الصحية والحكومات إجراءات أكثر فاعلية هذا العام. بالإضافة إلى أن انتشار العيادات ومراكز الاستطباب التي تقتصر على معالجة الأمراض الناشئة عن أسلوب الحياة الحديث احتمال وارد أيضاً
التكاليف
خضعت الشركات لضغوط عدة، في سعيها للسيطرة على العوامل المؤثرة في التكاليف على مدى العامين الماضيين. وقد يهدد هذا الضغط بإبطاء طرح التأمين الإلزامي في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. لكن على أي حال، مع احتمال وجود قوة أكثر تأثيراً، إلى حد ما، تدفع باتجاه جعل الرعاية الصحية في متناول الجميع، فستظهر الحاجة إلى تطبيق نظام التأمين الإلزامي في نهاية المطاف.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص
مع سعي الحكومات إلى السيطرة على تكاليف الرعاية الصحية، تزداد فرص الجهات مقدمة الرعاية الصحية من شركات القطاع الخاص بالمشاركة إلى جانب الحكومات في عام 2018. وقد أدخلت المملكة العربية السعودية مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ليكون جزءاً أساسياً في برنامج التحول الوطني. كما اقترحت حكومة دبي قانوناً جديداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص في عام 2016. وعموماً، ستجد الجهات مقدمة الرعاية الصحية، وشركات التكنولوجيا، والممولون، فرصاً ليتعاونوا على نحو خلاق مع الحكومات في عام 2018، من أجل تقاسم تكاليف الرعاية الصحية.
انتشار ثقافة التأمين
ستقود ضغوط السوق، في النهاية، إلى طرح خطط التأمين الإلزامي في العديد من الدول. وستشهد الدول التي سبق أن طرحته، المزيد من الوعي، على صعيد اختيار الناس للسياسات التأمينية بمزيد من الحذر، وبناء على المفاضلة بين الكلفة والتغطية العلاجية. مما سيسهم في زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية.
السياحة العلاجية
توجد الخدمات عالية المستوى طلباً في الأسواق، يتعدى المناطق التي تغطيها. لهذا سيتزايد التوجه الحديث المتمثل في استطباب السائحين من كل أنحاء العالم في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2018. كما سترتفع أعداد المسافرين بقصد العلاج إلى دول مجلس التعاون الخليجي والمتنقلين لهذا الغرض فيما بينها، وسيسهل ذلك توفر درجة أرقى من الرعاية ومن سياسات التأمين الصحي.
الدمج والاستحواذ
سيشهد هذا العام نشاطاً متعاظماً في عمليات الدمج والاستحواذ في أسواق بعينها ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، وفي السوق الإماراتي تحديداً. فيما تحتدم المنافسة في الأسواق التي تصبح أكثر جهوزية لعمليات الاندماج. وسيجبر الضغط الواقع على هوامش الأرباح الشركات صغيرة الحجم للبحث عن سبل للخروج من السوق. كذلك ستتفرع الشركات الكبيرة في بلدان مثل السعودية والإمارات، لتتوسع في دول أخرى، مثل: سلطنة عمان والبحرين، وغيرهما. وبالتزامن مع التغيرات الحديثة الحاصلة في السعودية، من المرجح أن نشهد المزيد من الاستثمارات المتدفقة بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي.
أساليب جديدة في تقديم الرعاية الصحية
مع استمرار تطور نظام عمل السوق، سنشهد أساليب جديدة في تقديم الرعاية الصحية في المنطقة. وستبتكر الجهات مقدمة الرعاية الصحية طرقاً، في محاولة منها لإيجاد موطئ قدم لها في السوق. لكن نتوقع ظهور المزيد من الأساليب الأخرى، مثل: العناية المنزلية، وتقديم الرعاية الصحية عن بعد. ومن المتوقع أن تتعدى العناية المنزلية إرسال الممرضين والممرضات فقط في: السعودية والكويت والإمارات. بينما ستذهب جهات أخرى إلى حد إنشاء مستشفيات أحادية التخصص، بهدف تحسين الفاعلية وتحقيق التميز. وسيسهم الاتجاه ذاته في إنشاء مراكز جراحية أكثر تعمل خلال ساعات النهار.
الذكاء الصناعي والتكنولوجيا
سيتزايد انتشار تقنية الذكاء الصناعي، وبوتيرة أسرع مما حدث في العام السابق. وستدعم الحكومات هذه المبادرات لتقليل عبء الأمراض ومجمل التكاليف.
لقد سبق لكبرى الجهات مقدمة الرعاية الصحية في المنطقة، الإعلان عن خطط لزيادة استخدام تقنية الذكاء الصناعي في عام 2018، بهدف التنبؤ بتشخيص الأمراض، وتقليل الأخطاء، ومعدلات إعادة الإدخال إلى المستشفيات. فيما أطلقت حكومة الإمارات في أكتوبر 2017، استراتيجية الإمارات للذكاء الصناعي، وهي الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف إلى جعل الدولة الوجهة الأولى في مجال استثمارات الذكاء الصناعي في مختلف القطاعات، سيما قطاع الرعاية الصحية.
أما الجراحة باستخدام الروبوت فهي تقدم تكنولوجي آخر يتوقع له أن يعمق حضوره في المنطقة. بينما تحرز بعض المستشفيات في السعودية، وسلطنة عمان والإمارات، سبقاً في إدخال هذا النموذج إلى خدماتها.
كذلك ستتعاون الجهات المعنية لطرح الابتكارات مع شركات التكنولوجيا، بالتوازي مع ارتفاع الطلب على المزيد من الأدوات والمعدات لتلبية الحاجة في مجالات، مثل: علم الأمراض، وأمراض القلب، والتشخيص.
فيفيك شوكلا – فوربس ميدل ايست