إذا أعلن مركز بحوث في جامعة أو شركة ما، بأنه اكتشف آلية استخراج الوقود من الهواء أو من الماء، سيقول الناس إن هذا هو الاكتشاف العلمي الذي نحتاج إليه لتلبية احتياجاتنا من الطاقة، ولنتجنب زيادة انبعاثات غازات الدفيئة. في الواقع، تسهم مثل هذه الادعاءات في استقطاب الأموال للاستمرار في البحث والدراسة، غير أن الكثير من التفاصيل المهمة يغفل عنها الكثيرون.
لقد جرى الحديث مؤخراً عن معجزة مزعومة في مجال الطاقة، بأن مجموعة من الباحثين اكتشفوا عن طريق الصدفة طريقة لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مركب الإيثانول.
ومع تزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتحذيرات العلماء من ذلك وضرورة السيطرة عليها، كان لا بد لأي طريقة تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزنه بعيداً، أو تحوله إلى وقود- أن تلقى الاهتمام، لكن هذا الاكتشاف ليس كما يظنه معظم الناس.
فيما تتمثل الحلقة المفقودة في كمية الطاقة المطلوبة لإجراء تلك العملية. ومن المؤسف القول إن علم الديناميكا الحرارية يؤكد احتياج تلك العملية إلى استهلاك طاقة تفوق الطاقة التي يحتويها مركب الإيثانول الناتج!. بمعنى آخر، إن إنتاج غالون واحد فقط، يستهلك ما يزيد على 76 ألف وحدة حرارية “في المقياس البريطاني” لكل غالون واحد من مركب الإيثانول.
ومن المعروف أن غاز ثاني أكسيد الكربون ينتج عن الاحتراق (كالماء تماماً). وعليه، فإن كل عملية تحويل لغاز ثاني أكسيد الكربون تحتاج إلى وقود- عنصر أكثر أهمية من غاز ثاني أكسيد الكربون نفسه- وهو الطاقة المولدة لغاز ثاني أكسيد الكربون عند إنتاجه. وبهذا فإن الحاجة إلى كمية أكبر من الطاقة تفوق ما يمكن الحصول عليه عند إنتاج الوقود، هي حقيقة اتية من قوانين علم الديناميكا الحرارية.
وبالطبع فهذا له تداعيات خطيرة على انبعاثات غاز الدفيئة أيضاً. وعند استثناء جانب الاستفادة من مصادر طاقة متجددة خالصة لإنتاج مركب الإيثانول من خلال تلك العملية، فإنها ستؤدي إلى تزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. أي إن حاجتنا لحرق طاقة يفوق مقدارها غالون واحد لإنتاج غالون واحد من مركب الإيثانول، يعني أننا-وبعد احتراق مركب الإيثانول كلياً-نبث في الغلاف الجوي أكثر من غالونين اثنين من مركب الإيثانول. وقد تزيد كثيراً عن ذلك مقابل إنتاج الكمية نفسها. إذاً، فحتى لو كانت العملية تستهلك غاز ثاني أكسيد الكربون، سينتج عنها صافي انبعاثات أعلى مما استهلكت أساساً.
وباختصار، يمكننا إنتاج وقود البنزين أو مركب الإيثانول-أو حتى الأسيتامينوفين-من العناصر المتوافرة في الهواء، لكننا لا نستطيع إنتاجها بتكاليف زهيدة.
وفي حين تتحول القضية إلى شأن اقتصادي بحت النهاية، ينبغي الحصول على طاقة رخيصة وذات جدوى، ولا ينتج عنها أي مواد ضارة بالبيئة. إنه بحث مثير للاهتمام، وقد يقود في النهاية إلى إنتاج كميات ضخمة من الوقود الخالي من الكربون، غير أن هناك تحديات تقنية وعلمية جسيمة.
روبرت رابير – فوربس ميدل ايست