تدفعنا الحياة العصرية بكل صخبها إلى عادات وأنماط جديدة، ولعل من صور التغيير التي نحياها الإقبال الكبير على تناول الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة، التي تنتشر إعلاناتها في كل مكان وعلى مدار اليوم، ولا مفر من تناول بعض هذه الأطعمة لدواعي الانشغال وسرعة وتيرة الحياة، مما يجعلنا نتعرض إلى كثير من المتاعب والمشاكل الصحية، وأصبح اهتمامنا بنوع الطعام أمرا ثانويا والتفكير فقط في سد الجوع، من خلال أي أنواع من الطعام الذي يساعدنا على القيام بالأعمال اليومية، ونتيجة إهمال الغذاء الصحي، ظهرت لنا مشكلات عديدة وراءها نقص العناصر والمعادن في أجسامنا، مما أجبرنا على التوجه نحو تناول المكملات الغذائية الجاهزة من الصيدليات من أجل تعويض هذا النقص الكبير في العناصر الغذائية، وفي هذا الموضوع سوف نبين دور المكملات الغذائية، ومدى فائدتها أو ضررها والفئات التي تحتاج إليها.
استكمال الغذاء
تعد المكملات الغذائية مستحضرات صناعية تهدف إلى استكمال النظام الغذائي بالمواد التي يفتقدها الجسم، أو لا تستهلك بكميات كافية، وتعتبر بعض البلدان المكملات الغذائية أطعمة، بينما تعرفها دول أخرى على أنها أدوية أو منتجات صحية طبيعية، وفي الحقيقة تصنف المكملات الغذائية على أنها غذاء لا دواء، وبالتالي لا تخضع لشروط تصنيع الدواء الصارمة، كما أنها لا تمر بالفحوص ولا الأبحاث التي تمر بها الأدوية، ووفقا لإرشادات الأطباء، فإن المكملات الغذائية ليست علاجا أساسيا للأمراض، وكذلك لا تعتبر بديلا للدواء لذلك لا بد عند التعامل معها أن يكون تحت إشراف الطبيب، ويتم استخراج المكملات الغذائية من المواد الطبيعية بصورة مركزة بحيث نأخذ العنصر الذي نحتاجه بصورة نقية أو مع بعض العناصر الأخرى وبصورة مركزة، وتركز في تحضيرها على وجود الألياف والأحماض الأمينية، وتأتي على شكل حبوب كأقراص الدواء يتم تناولها مباشرة، أو على شكل بودرة يتم حلها مع سائل معين مثل الماء أو على شكل سوائل جاهزة للشرب، حيث نتناولها كدعم للنمو وخاصة في مرحلة الطفولة، حيث البناء والنمو، كما أن بعضنا يتناولها من أجل بناء العضلات وكمال الأجسام، وكذلك المرأة في حال وصولها إلى سن الأمل تأخذ مكملات الكالسيوم وفيتامين «د».
3 مجموعات
تحتاج أجسامنا إلى الفيتامينات بكميات قليلة ومستمرة، وهذه الفيتامينات لا يتم تصنيعها داخل الجسم، ونعتمد على المصادر الغذائية للحصول عليها، لذلك فمن الضروري تناول الطفل لوجبات غذائية متوازنة تحتوي عل هذه الفيتامينات، حتى لا يحدث نقص في أحدها فينجم عنه مشاكل صحية، تؤثر على نمو الطفل وتطوره الجسدي والعقلي والسلوكي، وعلى سبيل المثال فإذا كان الطفل يتناول غذاء صحيا ومتكاملا يتكون من الحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات والدهون الصحية، فإنه لا يحتاج لأي مكمل غذائي، ومع ذلك إذا كان الطفل يتجنب مجموعة غذائية بأكملها، أو يعاني من مرض مزمن أو لا يتعرض لأشعة الشمس بصورة مناسبة، فيلزم تزويده بالمكملات الغذائية، وصنف الأخصائيون المكملات الغذائية إلى 3 مجموعات رئيسية، الأولى مكملات الفيتامينات والمعادن وتشتمل على مركبات الفيتامينات التي تضم مجموعة منها أو فيتامينا واحدا بمفرده مثل فيتامين «ج» وبيتا كاروتين وحمض الفوليك ومكملات المعادن مثل مكملات الكالسيوم والحديد، المجموعة الثانية مكملات الألياف ويوصي الأطباء باستخدام مكملات الألياف بشكل يومي، للأشخاص الذين يعانون من اضطراب في الجهاز الهضمي مثل القولون العصبي والإمساك المزمن، وتجعل مكملات الألياف الفضلات لينة وتخفف من مشكلة الإمساك، وهي آمنة للاستعمال على المدى الطويل، ولا يوجد أي دليل على وجود أضرار نتيجة لهذه المكملات، إلا أنه يفضل لمن يحتاج إلى هذه المكملات شرب المياه والسوائل الأخرى يوميا، لأن عدم تناول كميات كافية من السوائل مع استعمال الألياف يمكن أن يزيد من مشكلة الإمساك، والمجموعة الثالثة هي المكملات العشبية والتي تستخدم الأعشاب لعلاج بعض أمراض الجسم والدماغ منذ سنوات طويلة، وبعض المكملات العشبية آمنة وفعالة وتستخدم إما طازجة أو جافة أو كعصير طازج.
الأطفال والرياضيون
يحتاج عدد من الفئات للمكملات الغذائية بصفة خاصة، أول هذه الفئات الأطفال المصابون بضعف الشهية، وعدم تناول الطفل لكميات كافية من الغذاء بشكل عام، والصغار ذوو النشاط الزائد كمن يمارسون نشاطات بدنية، والأطفال الذين يتبعون عادات غذائية خاطئة، وكذلك الأشخاص الذين يتبعون العادات الغذائية غير المنتظمة، مثل الاستمرار على أسلوب غذائي معين مثل النظام النباتي، أو نظام غذائي خال من منتجات الألبان، وتستخدم أيضا في حالة الإصابة باضطرابات غذائية مثل اضطراب الأكل الانتقائي، مثل الإقبال على شرب المشروبات الغازية بكثرة، والذين يتناولون الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة بكثرة، والمصابون بمشاكل صحية تمنعهم من تناول الطعام، ومنها صعوبة في البلع واضطرابات في الجهاز الهضمي، وفي حالة الإصابة بمشاكل صحية مزمنة ومنها الربو وحساسية الجلوتين أو حساسية من الحليب، والفئة الثانية التي تحتاج إلى هذه المكملات الغذائية هم الرياضيون، ومن أفضلها مكملات البروتينات التي تعمل على بناء العضلات، وتعتبر البروتينات الطبيعية من أهم هذه المصادر والموجودة في اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك، والألبان ومنتجاتها والبيض وبعض البقوليات مثل الفول والعدس وفول الصويا وزبدة الفول السوداني، ولأنه ليس كل شخص يستطيع تناول من خمس إلى سبع وجبات يوميا، وبالتالي يجب أن يكون هناك بديل عن الوجبة الغذائية، وهنا يأتي دور مكمل زيادة الوزن أو المكمل البروتيني، وتمتاز هذه البروتينات بأنها سريعة الهضم تستغرق من 15 إلى 30 دقيقة فقط للهضم والامتصاص، والبروتين عنصر غذائي مهم لممارِسي رياضة كمال الأجسام، فهو المسؤول الأول عن بناء العضلات.
كبار السن
تحتاج فئة أخرى لهذه المكملات الغذائية وهم كبار السن، ففي فترة تقدم الشخص في العمر يحدث له بعض التغيرات الفسيولوجية، التي تخلق عوامل خطورة وتؤدي إلى مظاهر نقص التغذية، وغالبا ما يحدث لهم فقدان لكتلة الجسم وهي العضلات والعظام، ومع قلة النشاط بدنيا يتم تقليل الاحتياجات من السعرات الحرارية، مما يؤدي إلى صعوبة توفير المواد الغذائية التي يحتاجها كبار السن، وخاصة أن العديد من المسنين تنخفض لديهم الشهية بشكل كبير، ويحتاجون لبعض هذه المكملات الغذائية التي تشمل الفيتامينات والمعادن، ومضادات الأكسدة وزيت السمك بهدف سد الثغرات الغذائية، ويجب أن يبدأ تناول المكملات قبل ظهور علامات نقص الفيتامين، وتعاطي مكملات الفيتامينات التي تحتوي على الاحتياجات الغذائية الموصى بها لكبار السن، وهناك عدد كبير من كبار السن معرضون لخطر نقص الاحتياجات من الفيتامينات، وهذا النقص الشديد لبعض الفيتامينات يمكن أن يتسبب في تلف لا يمكن علاجه أو إصلاحه، كما تسهل المكملات الغذائية حياة مرضى السكري، وفائدتها معترف بها على المستوى العلمي العالمي، وهي ما أُخذت بشكل صحيح فتكون قادرة على مكافحة الأمراض، وتحسين عملية الضبط وتأمين الوقاية من المضاعفات التي تطرأ على المرضى.
آثار جانبية
تعتبر الآثار الجانبية للمكملات الغذائية أكثر من فوائدها، وتجدر الإشارة إلى أن ردود أفعال الجسم تجاه هذه المكملات الغذائية تختلف من شخص لآخر، ومن أبرز الأضرار أو ردود فعل الجسم الإصابة بالحساسية، وحالة من الاكتئاب ومشاكل الكلى ومشاكل الكبد، وسلبيات في الرضاعة الطبيعية والمشاكل العصبية، والاضطرابات الهضمية والسرطان ومضاعفات الحمل، كمل يمكن أن تؤدي المكملات الغذائية إلى الإصابة بالسرطان، لأنها تحتوي على تركيبات كيميائية وجزيئية، وبالتالي فالاستخدام المتواصل لها يمكن أن يتسبب في تدمير الخلايا الأساسية، وتلف الأنسجة وحتى أعضاء الجسم، ويسبب الإكثار من تناول البروتين الصناعي بشكل مفرط حدوث تسمم البروتين، وتشمل أعراضه الغثيان والإرهاق والإسهال، واضطرابات في وظائف الكلى والقلب والبنكرياس، وارتفاع ضغط الدم بشكل دائم بسبب أضرار الكلى، وذلك أن أي نظام غذائي يحتوي على كميات مفرطة من البروتين سيؤدي إلى أضرار مزمنة في الجسم، بعكس ما هو متوقع من تناول البروتين بالشكل المثالي من الغذاء الطبيعي، كما أن الإفراط في تناول البروتينات الصناعية مع عدم شرب كميات كافية من الماء، يمكن أن يؤدي إلى أضرار صحية عديدة غير قابلة للعلاج، مثل زيادة نسبة تكوين حصوات الكلى التي تقود إلى الفشل الكلوي، وينصح الأطباء بالاعتماد على تناول الفاكهة والخضراوات وشرب المياه، ولكن يمكن تناول المكملات الغذائية التي لا تحتوي على ملوثات أو شوائب ضارة بالصحة.
زيادة الأمراض
أثبتت دراسة حديثة أن المكملات الغذائية التي تحتوي على حمض الفوليك، تزيد من الإصابة بمرض سرطان الثدي بنسبة تصل إلى حوالي 25%، بل وكشفت أيضاً أن النساء اللائي لديهن نسبة عالية من حمض الفوليك هن الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الصدر بنسبة 40% عن غيرهن، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة التي تتعلق بالقولون، وتشير دراسة حديثة أخرى نشرت نتائجها في الدوريات العالمية إلى أن حالات تلف الكبد التي تنتج عن تعاطى العقاقير زادت من 6% في 2004 إلى 15% في 2016، كما سجلت الولايات المتحدة الأمريكية فقط حوالي ما يقرب من 703 آلاف شركة متخصصة في إنتاج المكملات الغذائية، والغالبية من هذه الشركات تقدّم منتجاتها من المكملات الغذائية التي تحتوي على مواد ومركبات لم يتم اختبارها ومعرفة مدى تأثيرها في الأشخاص، أو تستخدم مواد غير مشروعة أو الاثنين معاً، وعادة ما يدفع المستهلك الثمن مادياً وصحياً على المديين المتوسط والطويل.
جريدة الخليج