أكدت السيدة إيلدا مورينو المسؤولة عن المجلس المكلف بالقضايا المرتبطة بحقوق المرأة والكرامة الإنسانية٬ أن مجلس أوربا يعتبر أن التشريع المغربي في مجال محاربة العنف إزاء النساء “الأكثر تقدما” بالمنطقة المتوسطية .
وأوضحت السيدة مورينو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بستراسبورغ ٬ حيث مقر مجلس أوربا ٬ الهيئة المخصصة لدعم الديمقراطية ٬ أن هذا الأمر يبرر اختيار المملكة لاحتضان المؤتمر الإقليمي حول الوقاية ومحاربة هذه الآفة ٬ والذي افتتح أشغاله يوم الاثنين بالرباط .
وترى المسؤولة الأوربية ٬أن المغرب يشهد حاليا مرحلة تقارب “مستمر” مع مجلس أوربا “على جميع المستويات ومع كافة الفاعلين بالنظر إلى القيم المشتركة ٬والمتمثلة في الديمقراطية والنهوض بحقوق الانسان والحكامة الجيدة “.
وأوضحت السيدة مورينو أنه تم تجسيد هذا التقارب ٬ الذي توج السنة الماضية بحصول المغرب لدى الجمعية البرلمانية لهذه الهيئة على وضع “شريك من أجل الديمقراطية ” ٬ عبر بلورة مخطط عمل للتعاون بين المغرب ومجلس أوربا (2012-2014) ٬والذي وضع ٬ بطلب من المغرب٬ محاربة العنف ضد النساء إحدى أولوياته .
وقالت المسؤولة الأوربية “لقد سررنا للغاية عند تلقينا دعوة من المغرب لتنظيم ندوة إقليمية بهذا الخصوص في الرباط ” ٬ معربة عن ارتياحها ل”الإرادة “التي عبرت عنها الحكومة المغربية “لتحقيق التقدم والتطور” في هذا المجال .
وأضافت أن الندوة المنظمة في إطار شراكة مع الحكومة المغربية وبدعم من النرويج ٬ تسعى لأن تكون “منتدى لتبادل المعارف والمعطيات والإحصائيات بين ضفتي المتوسط ٬ ولكن أيضا التجارب المكتسبة ومختلف المقاربات التي تم بلورتها في مجال محاربة العنف ضد النساء “.
ويشارك في هذه التظاهرة أكثر من 400 مندوب ٬من ضمنهم وزراء وخبراء في مجال محاربة العنف ٬ وممثلو منظمات غير حكومية ٬ بغية تحديد التدابير الاستعجالية ذات الأولوية التي يتعين اتخاذها “في بلدانهم وتنسيق الجهود ٬ لاسيما عبر خلق شبكات في أفق “تطوير مقاربة مشتركة لمحاربة هذه الآفة “.
ويمثل المشاركون عدة بلدان معنية بإشكالية محاربة العنف ضد النساء ٬ من ضمنها فرنسا واسبانيا وإيطاليا وكرواتيا وتركيا وأذربيجان والأردن وتونس والجزائر ٬ فضلا عن المغرب.
وأشارت السيدة مورينو إلى أن “الفكرة تقتضي ربط علاقات بين ضفتي المتوسط ٬ حيث هنالك تجارب جد متقدمة في مجال الإصلاحات التشريعية الضرورية٬ولكن أيضا السياسات المتصلة بالتكفل وبالخدمات المقدمة من أجل حماية الضحايا وكل ما يتعلق أيضا بحملات التحسيس في هذا المجال “.
وترى الخبيرة الأوربية أن الحملات التحسيسية التي تتم بالمغرب “هامة للغاية” وأنه ينبغي إبرازها في إطار التعاون القائم بين المملكة ومجلس أوربا وكذا جهودها من أجل إشعاع الديمقراطية .
وتابعت السيدة مورينو أن من شأن ذلك إثراء التجارب المتبادلة ٬ معربة عن يقينها بأن “الوقاية في هذا المجال تمثل لبنة أساسية من أجل التقدم في ملف المساواة بين الرجل والمرأة ٬ وبالتالي التقدم على درب الديمقراطية “.
وذكرت في هذا الصدد ٬ بموقف مجلس أوربا حول هذه المسألة ٬ داعية البلدان الشريكة إلى “إدانة جميع أشكال التمييز ضد المرأة بكيفية واضحة ٬ وضمان تحقيق المساواة بين الجنسين ٬ في القانون وعلى أرض الواقع على حد سواء”.
وشددت السيدة مورينو على “أهمية انخراط المجتمع برمته في فلسفة المساواة ٬ وعدم التسامح بأي شكل من الأشكال مع أية علاقة قوة أو سلطة للرجل إزاء المرأة ٬ لأنه بقدر ما ظل هذا النوع من العلاقات قائما ٬ فإننا سنفشل في اجتثاث شأفة العنف وفي إنجاح المساواة “.
وتعرف السيدة مورينو مفهوم المساواة ب”ولوج المرأة لمجال القضاء ولكل المجالات ٬ ومن ضمنها التربية والحياة العامة ٬ مع ضمان شفافية أكبر في الحياة السياسية “.
وأمام مشكل العقليات الذي تصطدم به غالبا الجهود المبذولة في هذا الباب بالمغرب ٬ كما في بلدان أخرى بالمنطقة المتوسطية ٬ شددت الخبيرة الأوربية على دور التربية والتكوين ووسائل الإعلام التي “أضحت آليات جوهرية لتغيير العقليات” .
وتعرضت أكثر من 63 في المائة من النساء للعنف بالمغرب عام 2011 مقابل امرأة واحدة من أصل ثلاث نساء بأوربا ٬ غير أن مورينو أكدت أنه ينبغي أخذ هذه الأرقام بتحفظ على اعتبار أن غالبية النساء لا يتجرأن على الإبلاغ عن العنف الأسري .
وعزت ذلك إلى “الصمت أو الخوف أو الشعور بالعار والذنب أو الاستغلال” الذي تشعر به المرأة ٬ مشيرة في هذا الاطار إلى “ثقل التقاليد والرغبة في حماية سمعة الأسرة ٬ وهي مفاهيم مطروحة بإلحاح في المغرب وفي بلدان أخرى بالمنطقة ٬ لكن ليس بنفس الحدة في بلدان أخرى شمال أوربا “.
وأكدت الخبيرة الاوربية أن مؤتمر الرباط سيعمل أساسا على تقديم التدابير المتضمنة في اتفاقية مجلس أوربا حول الوقاية ومحاربة العنف ضد النساء والعنف الأسري اللذين “يشكلان حاليا الرد الأمثل والناجع ضد العنف الذي تعاني منه النساء في أوربا وغيرها “.
يذكر أن مجلس أوربا يتعاون مع بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط من خلال برامج مختلفة تروم دعم الإصلاحات الديمقراطية . كما يعمل على تنفيذ برنامج “الاصلاحات الديمقراطية في بلدان الجوار الجنوبي (برنامج الجنوب) الممول من قبل الاتحاد الاوربي بقيمة 8ر4 مليون أورو .
وتم إحداث مجلس أوربا٬ الذي يضم حاليا ٬ ببلدانه ال 47 الاعضاء ٬ غالبية بلدان القارة الاوربية ٬ في 5 مايو 1949 بهدف جعل أوربا “فضاء ديمقراطيا وقانونيا مشتركا ٬ منظما بموجب الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان وبنصوص أخرى ذات مرجعية في مجال حماية الفرد “.
أجرى الحوار آمال التازي/ و م ع