ذكرت دراسة علمية جديدة أن تركيز غاز ثاني أكسيد النتروجين في الغلاف الجوي للكرة الأرضية ارتفع بنسبة مقلقة جدا، وأن ذلك سيؤثر على الجهود التي تبذلها الدول في محاربة التغيرات المناخية. وحسب دراسة نشرت في مجلة نيتشر Nature يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فإن تركيز ثاني أكسيد النتروجين N2O ارتفع في الجو بنسبة 20% مقارنة بما كان عليه قبل العهد الصناعي، أي قبل حوالي 150 سنة.
ويعتبر ثاني أكسيد النتروجين من الغازات المضرة بالبيئة وبصحة الإنسان على حد سواء، حيث يمكن أن يؤدي إلى تهيج العين والجهاز التنفسي وهو يبقى في الهواء لمدة طويلة جدا تعادل أو تفوق عمر الإنسان. وأوضح الباحثون -في هذه الدراسة التي شارك فيها 48 معهد بحث علمي يمثلون 14 بلدا- أن تركيز غاز ثاني أكسيد النتروجين عرف خلال 10 سنوات الأخيرة ارتفاعا مخيفا ينذر بالخطر، وذلك راجع إلى نشاط الإنسان الذي زادت وتيرته مؤخرا خاصة في قطاع الفلاحة الذي تستعمل فيه الأسمدة الآزوتية بإفراط.
الطلب المتزايد على الغذاء
قال الباحث المشرف على الدراسة، البروفيسور هانكين تيان مدير المركز الدولي للبحث بالمناخ والتغيرات العالمية في “جامعة أوبورن Auburn University” في البيان الصحفي الصادر عن الجامعة “المحرك الرئيسي في ارتفاع نسبة ثاني أكسيد النتروجين في الهواء هو النشاط الفلاحي، لأن هناك طلبا عالميا متزايدا على المنتوجات الفلاحية، ولذلك فإن هناك عدم توافق ما بين طريقتنا في التغذية والحفاظ على بيئتنا”.
من جهته قال الباحث المشارك جوزيب كانادل، المدير التنفيذي لمشروع الكربون العالمي Global Carbon Project “هذه الدراسة تدعونا بجدية إلى إعادة التفكير في الطريقة التي مازلنا نستخدم بها الأسمدة المركبة من هذه السموم”.
أكثر المستخدمين للأسمدة الكيميائية
بحسب تقرير سابق صادر عن منظمة الأغذية والزراعة “فاو” (FAO) تحت عنوان اتجاهات الأسمدة العالمية وتوقعاتها لعام 2018 World fertiliser trends and outlook to 2018 فإن استعمال مادة النيتروجين في الأسمدة يعرف تزايدا من سنة لأخرى. ففي عام 2016 كان الطلب على هذه المادة عالميا في حدود 105148 طنا ليقفز إلى 107424 طنا عام 2019، وهو مرشح ليبلغ رقم 111591 طنا عام 2022.
وقال المهندس في الفلاحة إبراهيم موحوش، في تصريح للجزيرة نت عبر الهاتف “هناك على ما يبدو إفراط في استعمال الأسمدة الكيميائية على المستوى العالمي، لكن الأمر مختلف في الدول العربية. فدول المنطقة تعتبر من القلائل التي لا تلجأ إلى استعمال هذه الاسمدة، بالإضافة إلى أن إنتاجها قليل”.
كما أوضح أن هذه الأسمدة لها أيضا مفعول سلبي على المياه الجوفية، حيث أكد أن “الأسمدة الكيميائية تنفذ إلى باطن الأرض وهي بذلك تؤثر على نوعية المياه، وقد يمتد التأثير إلى مياه الأنهار والأودية. ولذلك فإن هناك أصواتا عالمية تدعو إلى الاعتماد أكثر على الفلاحة العضوية”.
الجزيرة