دخلت التكنولوجيا عالم الملابس منذ مدة لكنها تقدمت أشواطا كثيرة من خلال سترات ذكية قادرة على أن تجعل الإنسان كائنا خارقا وتنبهه إلى الأمراض وتجعله قويا قادرا على حمل الأثقال التي لا تقدر عليها إلا الرافعات الآلية، ليتحول الخيال إلى حقيقة.
ومن المتوقع أن تكون الملابس الذكية محدودة الانتشار بسبب ارتفاع أسعارها ومحدودية تصاميمها، لكن من المنتظر أن تزول هذه العقبات تدريجيا بعد أن تنتشر صناعة الملابس الذكية على نطاق أكثر اتساعا.
على هامش المؤتمر العالمي للروبوتات لعام 2018 الذي انعقد في بكين، صرح يو تشي يون، باحث بارز تابع للأكاديمية الصينية لتكنولوجيا إطلاق المركبات، بأن فريقه استخدم خبرته المكتسبة في مجال البحث والتطوير في معدات الصواريخ، لتطوير سترة روبوتية تمنح مرتديها قوة خارقة.
هذه السترة المُطوّرة تمكن مرتديها من حمل ما يصل إلى 200 كلغ من العتاد والذخيرة أو الإمدادات الضخمة بواسطة أطراف صناعية، كما أنها تمنحه القدرة على السير 3 ساعات بسرعة 4 كلم في الساعة.
وأضاف الباحث الصيني، أن البدلة الروبوتية مرنة للغاية، حيث يستطيع من يرتديها الركوع وتسلق السلالم والمنحدرات، أو حتى تنفيذ ضربة جانبية.
وتتكون البدلة الآلية المصممة من قبل الفريق البحثي الصيني، من جزأين، الأذرع والسيقان، ويمكن أن تستخدم في المجالات العسكرية والمدنية على حدّ سواء.
وعلى الرغم من أن استخدامها العسكري قد يثير بعض الجدل، فإنها يمكن أن تكون مفيدة لرجال الإطفاء، كما يمكن استخدامها أيضا في محطات القطارات والمطارات لمساعدة الأشخاص على حمل البضائع الثقيلة، وكذلك في عمليات الفرز في شركات التوصيل، والتقليل بشكل كبير من عبء العمل.
وهناك سترات أخرى صممت خصيصا لرجال الإطفاء من أجل وقايتهم إذ أنها تستطيع أن تتحمل الحرارة المرتفعة جدا (800 درجة مئوية) دون إحداث أي أضرار.
الأجزاء الإلكترونية في السترة المحترقة تماما تحافظ على وظيفتها. وفي حالة فقدان رجل الإطفاء لوعيه، فإن السترة يمكن أن تحدد موقعه وتطلب المساعدة بصورة موثوق بها. ويعرف هذا البرنامج باسم “برنامج بحث الأمان”.
في إطار حمل الأثقال وتذليل المصاعب بدأ مطار “هانيدا” الدولي في اليابان بالاستعانة بحامل حقائب إلكتروني فائق القدرة، لمساعدة العمال على حمل الحقائب والأمتعة ذات الأوزان الثقيلة.
ويتألف اللباس الإلكتروني من سترة روبوتية يرتديها العامل لتساعده بواسطة أطراف صناعية، في حمل عدد من الحقائب ذات الأوزان الثقيلة، وذلك بهدف إعطاء العامل قوة إضافية للتعامل مع التدفق المستمر لأمتعة الركاب المتوافدين على المطار.. ويمكن لهذه السترة معاونة مرتديها على حمل يصل وزنه إلى ما يقارب مئتي كلغ.
وقامت شركة “سايبرداين”، كبرى الشركات اليابانية المصنعة للروبوت، بتصنيع السترة الروبوتية بهدف منع آلام الظهر للحمالين، فضلا عن مساعدة مرضى ضمور العضلات على مواصلة الحركة وحمل الأحمال الثقيلة.
وأوضح يوشي سناكي الرئيس التنفيذي للشركة اليابانية المصنعة “سايبرداين”، أن ثقل البضائع والحقائب التي يحملها معهم المسافرون قد تلقي مزيدا من الأعباء على الحمالين، فضلا عن أهمية السرعة التي يجب أن ينجزوا بها المهام الموكولة لهم، لذلك تعد “السترة الروبوتية” من أهم الوسائل المساعدة في هذا الصدد.
يذكر أن شركة “إيسكو بيونيكس” الأميركية، الرائدة في صناعة الهياكل الآلية الخارجية، كشفت السنة الماضية عن أحدث منتجاتها القابلة للارتداء، فيما أوضحت أن العمال البريطانيين أول المستفيدين من هذا الجهاز الجديد.
الهيكل الجديد عبارة عن سترة ذكية خفيفة الوزن، متعددة الاستخدامات، للأعمال التي تتطلب بذل جهود كبيرة، وخاصة في الأماكن الخطرة، حيث تعين السترة العمال على أداء هذه الخدمات بوقت قياسي، وتحقيق مستوى سلامة أكبر لهم.
السترات الذكية التي لا تجعل من مرتديها سوبرمانا، ولكنها تساهم في حمايته من الأخطار والأمراض، فقد طور مؤخرا علماء صينيون سترة ذكية تمتلك تقنية عالية، حيث يمكنها التحكم في معدل ضربات القلب وتحذر صاحبها من مشكلات محتملة.
وتشبه السترة الذكية إلى حد كبير السترة العادية، ولكنها تحتوي على أجهزة استشعار لاسلكية خفية، وأقطاب كهربائية وألواح مرنة تسجل التغيرات في التخطيط الكهربائي للقلب، وكذلك مؤشرات معدل التنفس وضغط الدم، كما يمكنها حساب متوسط مدة النوم لدى الشخص.
ويمكن للشخص متابعة جميع المعلومات من خلال تطبيق هاتفي في الوقت الحقيقي، ووفقا لمطوري السترة، فإن الطب الحديث قادر على التنبؤ بالسكتات القلبية قبل حدوثها بـ8 ساعات، وأن التشخيص الذي تقدمه “السترة الذكية” سوف يساعد الأطباء على تقديم العلاج في الوقت المناسب.
العاملون في تكنولوجيا الملابس يعرفون حجم معاناة النساء من التحرش وهي ظاهرة تنتشر في مختلف دول العالم، لذلك ابتكرت مجموعة من الطلاب المتخصصين في دراسة الروبوت في معهد مونتيري للتكنولوجيا في المكسيك جهازا للتصدي للصوص والمتحرشين.ويأتي الجهاز على شكل سترة مضادة للتحرش، صُممت كأداة حماية بدلا من السلاح، حيث يمكن أن تؤدي إلى صدمة كهربائية بقوة 90 فولت.
وطور الباحثون هذه السترة القطنية التي تزن 400 غرام فقط، ولديها ما يكفي من القوة لإصدار تيار كهربائي خفيف. وتهدف السترة إلى حماية النساء وضحايا الاعتداء الجنسي، فمن خلال الضغط على زر مخفي في السترة، يتم إطلاق صدمة كهربائية تمنح الضحية وقتا كافيا للهرب وطلب المساعدة.
وتحتوي السترة على منصات الصدمة الكهربائية على الذراعين فقط. ومع ذلك، يمكن تطوير ملابس أخرى مزودة بالصدمة الكهربائية مع الوقت، بما في ذلك البنطلونات والفساتين.
هذه السترات الذكية لن تواكب الموضة على الأقل في مراحلها الأولى لأن المشرفين على إنجازها علماء تكنولوجيا لا علاقة لهم بالتصميم والموضة، لكن ذلك لن يكون مستحيلا إذا ما عمل العلماء مع المولعين بالموضة لابتكار سترات تواكب موضة الشتاء كما تواكب أزياء الصيف والربيع.
صحيفة العرب