يستقبل غلاف الأرض الجوي مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون الصادر عن منظومة الصناعة بآلياتها المتنوعة، التي وإن كانت قد أعادت رسم خريطة حياتنا، إلا أن وجهها الآخر أضر ببيئتنا وبكوكبنا الأرضي، وما ظاهرة الاحتباس الحراري إلا خير شاهد على ذلك.
وبحسب مجلة “نيوساينتست” إذا كانت لدينا الرغبة بالفعل في تجنب آثار التغير المناخي المدمرة فلابد من تطهير الغلاف الجوي من أطنان ثاني أكسيد الكربون الهائلة التي تعكر صفوه، إلا أن البعض قد يتساءل ماذا سيكون مصير هذه الكميات الهائلة إن نجح مسعانا في اصطيادها من الغلاف الجوي؟
بحسب المجلة، هناك مساحات واسعة من الأرض حيث يمكن دفنها فيها، إلا أن العلماء يبذلون قصارى جهدهم للاستفادة منها بدلاً من مجرد التخلص منها، وبالفعل شرعت شركات عدة في إعادة بلورة رؤيتها لثاني أكسيد الكربون واعتباره واحداً من الموارد وليس من الفضلات التي يجب التخلص منها، وبدأت استغلاله مادة خام في تصنيع منتجات عديدة، منها الغراء والمخصبات الزراعية . وأعلنت شركة Liquid Light في نيوجيرسي مؤخراً عن نسختها الأولية من محول ثاني أكسيد الكربون خلال قمة ARPA-E لابتكارات الطاقة في واشنطن . المحول بطول وعرض طاولة القهوة ولا يتجاوز سمكه بضع بوصات، ومصنوع من طبقات من الصلب والبلاستيك، بداخله عوامل محفزة يمكنها باستخدام الكهرباء إنتاج أكثر من 60 مادة كيميائية من ثاني أكسيد الكربون، يدخل في تركيبها الكربون.
ويرى الخبراء أنه يمكن إقامة مصانع تحوي عدداً كبيراً من هذه المحولات لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مئات آلاف الأطنان من المنتجات سنوياً، بحسب كايل تيمي، مساعد مبتكر المحول، وسوف يعزز توجيه الشركات التي تعتمد في إنتاجها على استخدام المواد الكيميائية إلى استخدام ثاني أكسيد الكربون بديلاً عن موادها الأولية دورها في الحفاظ على البيئة، إضافة إلى ميزات أخرى .
وأوضحت الشركة أن أول منتجاتها سوف يكون إيثيلين جلايكول، وهو المادة الأولية في صناعة ألياف البوليستر، وزجاجات البلاستيك، والمواد المقاومة للتجمد.
وهناك عدد من الشركات التي حذت حذو Liquid Light، في اعتبار ثاني أكسيد الكربون مورداً من الموارد، مثل شركة Dioxide Materials في تشامباين في ولاية إلينوى، والتي تخطط للتركيز على إنتاج حمض الأسيتيك، وهو العنصر الكيميائي المستخدم في تصنيع كثير من المواد مثل الدهانات والغراء . وعقدت الشركة اتفاقاً مع شركة3 العالمية، صاحبة ابتكار اللصق الفوري للصق الملاحظات على الأسطح . وتأمل الأخيرة في استبدال حمض الأسيتيك ببعض موادها الخام عالية التكاليف المستخدمة في صناعة الصمغ.
تقول لورا نيرينج، من شركة 3 بات ثاني أكسيد الكربون مادة أولية في صناعات عدة، ويمكننا إنتاج أنواع مختلفة من المواد، بيد أن أهم مجال نركز فيه الآن تصنيع حمض الأكريليك المستخدم في صناعة الصمغ، الذي يعد أهم منتجاتنا . ومن ثم، نعتبره مادة خام مهمة لشركتنا ودائماً ما نسعى إلى خفض تكاليف الإنتاج.
وبحسب مجلة “نيوساينتست”، يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون مادة أولية يمكن أن يقلل من البصمة الكربونية لشركة 3 بخاصة إذا استطاعت الشركة الحصول عليه من الجو واستخدامه بنفسها.
تضيف نيرينج “إن فكرة استخدام ثاني أكسيد الكربون الذي نحصل عليه من الغلاف الجوي بأنفسنا في صناعة أشياء نحتاجها لشيء مثير للاهتمام، بيد أنني لا أعلم بالفعل ما إذا كانت الكميات سوف تحقق الأهداف المنشودة” . وإذا كانت لشركتي Liquid Light وDioxide Materials القدرة بالفعل لإنتاج الوقود من ثاني أكسيد الكربون، إلا أنهما لاتخططان لطرحه في الأسواق في الوقت الحالي، ويعللان ذلك بأن تكلفة تحويل البترول الخام إلى وقود وزيوت تسخين أقل كثيراً، ولن يطول الأمر كما هو عليه الآن.
أشرف مرحلي – جريدة الخليج